لمن الغلبة اليوم!

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

بقلم يسرى المصري:

تتربع الحروب الاقتصادية والسيطرة على المعادن النفيسة التي تدخل في الصناعات التكنولوجية عروش الأمم وبدلاً من اللجوء الى الحروب السياسية والتقليدية تبرز معارك من أنماط جديدة لم تكن معروفة فيما مضى بدأ يطلق عليها الخبراء “الردع بالتشابك” بدلاً من “الردع بالتدمير”، فلم يعد الصراع للسيطرة على الاقتصاد العالمي مجرد حرب تجارية بالمعنى التقليدي، بل تحوّل إلى منافسة نفوذ اقتصادية عالمية تحكمها تشابكات المصالح وسلاسل الإمداد.
وأمام هذه المواجهة كيف تستطيع الدول النامية بما في ذلك سوريا المضي نحو آفاق اقتصادية تحمي بها اقتصادها ومواطنيها من ردات فعل الصراعات الاقتصادية العالمية ؟
في العالم الافتراضي الغلبة في الاقتصاد العالمي لا تزال للدول المتقدمة، ولكن في الرؤية الواقعية التاريخ يثبت أن الأمم تستطيع تغيير مصيرها. لأن النجاح لا يعتمد على الموارد فقط، بل على الإرادة السياسية، والحوكمة الرشيدة، والرؤية الاستراتيجية الطويلة الأمد. وبالتالي يبدو أن مستقبل سوريا كدولة نامية مرهون بقدرتها على تحويل التحديات إلى فرص، وبناء اقتصاد منتج ومتنوع، يضع الإنسان السوري في قلب عملية التنمية.
ليس من الصعب لمن يمتلك إرادة التحرير تحقيق النهضة ورأينا في أكثر من لقاء عربي وإسلامي وأممي وعالمي كيف تبنت سوريا رؤية استراتيجية، مستفيدة من دروس الدول التي نجحت في تحقيق قفزة والخروج من البئر المعطلة.
ويبدو أن عنوان التحول الاقتصادي السوري الجديد هو الانتقال من الاقتصاد الأحادي إلى التنويع الاقتصادي بهدف بناء قاعدة إنتاجية متنوعة تحقق الاستقلال الاقتصادي وتقليل التبعية للخارج.
ومنذ التحرير بدأ واضحاً التركيز على قطاعات واعدة مثل الخدمات المالية، بعض الصناعات التحويلية (خاصة الأدوية)، والإعلان عن استثمارات في قطاع السياحة، والاستفادة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي لتصبح مركزاً لوجستياً إقليمياً وقبل أي شيء العمل على بناء بيئة استثمارية جاذبة وآمنة وسمعنا في أكثر من مناسبة كيف يتم الترتيب لإصلاحات تشريعية عميقة لحماية حقوق المستثمرين، وتوفر حوافز ضريبية وجمركية.
ويأتي ملف محاربة الفساد الذي استشرى كالداء العضال في المؤسسات خلال سنوات ما قبل التحرير كتحدي أساسي للمصداقية والإرادة في تحقيق النمو والازدهار وضمان الشفافية في المعاملات الحكومية أيضاً كعاملين حاسمين لاستعادة ثقة المستثمرين المحليين والأجانب.
وكما هو معلوم الازدهار يعني الاستثمار في رأس المال البشري وإصلاح التعليم والرؤية المستقبلية والحالية تأخذ بعين الاعتبار حاجة سوريا إلى سياسات تعليمية تواكب متطلبات سوق العمل المستقبلية، وتركز على البحث العلمي والابتكار وتمكن الشركات والمؤسسات في الخاص والحكومي من الاندماج الذكي في الاقتصاد العالمي.

Leave a Comment
آخر الأخبار