لم يبق سوى تحديد المكان.. العالم يترقب قمة بين بوتين وترامب خلال أيام

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – مها سلطان:

نوعاً ما، كان مفاجئاً الإعلان عن بدء التحضيرات لعقد لقاء قمة ثنائي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد يتحول إلى ثلاثي مع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي في حالة سار اللقاء مع بوتين كما يتمنى ترامب.

حسب التصريحات من الجانبين الأميركي والروسي فإن أغلب التحضيرات بات متفقاً عليها باستثناء المكان، وهذه ليست مسألة صعبة باعتبار أن عدة دول عرضت استضافة القمة، فيما برزت الإمارات كـ«مكان محتمل» على لسان بوتين خلال لقائه الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في الكرملين اليوم الخميس.

وفيما كان العالم ينتظر انتهاء مهلة الأيام العشرة التي أعلنها ترامب لبوتين لإحراز تقدم في مفاوضات أوكرانيا، ليرى ما الذي يمكن لترامب أن يفعله بعدها.. فإن العالم ينتظر الآن لقاء قمة بينهما متوقع بين يوم وآخر، خلال مدة أقصاها أسبوع من الآن. ورغم أن أوكرانيا ستتصدر المباحثات إلا أن قضايا عالمية أخرى ستكون حاضرة، بدءاً من تحالفات روسيا مع الهند والصين (والحرب التجارية) والبرازيل (ضمن مجموعة بريكس) وصولاً إلى الشرق الأوسط، وإذا ما استضافت الإمارات القمة فإن مساحة المنطقة في هذه المباحثات ستكون أوسع، وليس بالضرورة هنا أن يتم الإعلان عن نتائج المباحثات المتعلقة بالمنطقة حيث إن ما سيخرج منها سيركز بشكل أساسي على أوكرانيا.

علماً أن أي تسوية أو توافق أميركي روسي حول أوكرانيا لا بد وأن ينعكس بشكل ما على قضايا المنطقة.

في الكواليس يتحدثون عن زيارة ستيف ويتكوف مبعوث ترامب الخاص إلى موسكو أمس الأربعاء، وكيف أنها شكلت، على غير المتوقع، علامة فارقة سرّعت موعد القمة، ولأن تفاصيل المباحثات لم يتم توضيحها بشكل مفهوم، بقيت الأسئلة معلقة حولها خصوصاً لناحية ما حملة ويتكوف من ترامب إلى بوتين وجعل هذه المباحثات، التي استمرت ثلاث ساعات، مثمرة وبناءة كما وصفها ترامب، باتجاه تسريع أو استعجال عقد القمة فيما كانت حتى الأمس القريب مستبعدة حد المستحيل بالنسبة لكثيرين، وفق تعبير صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

وكانت وكالة «بلومبيرغ» الأميركية اعتبرت أن ارسال ويتكوف إلى موسكو ما هو إلا خروج من المأزق الذي وضع ترامب نفسه فيه بعد مهلة الأيام العشرة التي منحها لبوتين ويفترض أنها تنتهي غداً، هذا من جهة.. ومن جهة ثانية يبدو أن تهديدات ترامب بفرض عقوبات على مشتري النفط الروسي (الهند خصوصاً) وعلى الصين، وأيضاً البرازيل، جاءت بنتائج عكسية حيث أعلنت الهند تمسكها بالنفط الروسي، وبتعزيز التعاون مع الصين، ومن المقرر عقد قمة أواخر هذا الشهر بين بوتين والرئيس الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جين بنيغ في العاصمة بكين.. وعليه بات التوجه الأساسي لترامب أن يتم تسريع موعد القمة مع بوتين، وتالياً كان لا بد من تحميل ويتكوف ما من شأنه إقناع بوتين بذلك، وهذا ما حدث كما يبدو، وصولاً إلى إعلان الجانبين الأميركي والروسي بدء التحضيرات للقمة.

وكان ترامب صرح الثلاثاء الماضي، عشية إرساله ويتكوف إلى موسكو، بأنه يريد سحب بلاده من الحرب الأوكرانية، قائلاً: هذه ليست حربي. وأضاف: نحن نعمل بجد للخروج منها.. خلال الأشهر الخمسة الماضية أوقفت خمس حروب. وبصراحة، كنت أتمنى أن تكون هذه هي السادسة.

لكن ترامب بدا متشائماً اليوم الخميس رغم الانطباع العام المتفائل حيال انعقاد اللقاء مع بوتين، معتبراً أن الطريق إلى تسوية في أوكرانيا ما يزال طويلاً حيث لا تزال هناك حاجة إلى مفاوضات مكثفة لإنجاز أي اتفاق، وفق ترامب.

وبعد وصفه المباحثات بين بوتين وويتكوف بأنها كانت مثمرة وبناءة، قال ترامب إن زيارة ويتكوف إلى موسكو ليست اختراقاً دبلوماسياً بعد ، وقال: لا أستطيع أن أسميها انجازاً في هذه المرحلة.

ما قاله ترامب أعادنا إلى حال التناقض واللافهم، بما انعكس عملياً على كل من التصريحات المتواصلة من الجابين الأميركي والروسي حول التحضير للقمة التي يفترض أنها خلال أيام. مع ذلك فإن الاتجاه العام يؤكد أن اللقاء بين بوتين وترامب بات ضرورياً ويجب ألا يتأخر أكثر من ذلك.. لماذا؟

يقول المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية راي ماكغفرن: عقد هذا اللقاء، يمكن أن يحل العديد من القضايا المتراكمة، بما في ذلك الصراع الأوكراني. وأضاف: يلاحظ الكثير من الخبراء، وجود رغبة لدى كل من بوتين وترامب في إنهاء الصراع الأوكراني في أسرع وقت ممكن. لهذا السبب، دار الحديث عن لقاء محتمل بين الرئيسين أو عن قمة كاملة. أعتقد أن ذلك وارد جداً، فقد تراكمت أسئلة ومسائل كثيرة تتطلب الحل، لأن آخر لقاء من هذا النوع (على مستوى رئيسي روسيا والولايات المتحدة) كان قبل أربع سنوات.

وحسب ماكغفرن فإن «بوتين يمسك بكل الأوراق الرابحة، وهو ليس أحمق. إنه يتعامل مع الأمر بهدوء، ولا يطلق وعوداً كاذبة بتاتاً. ترامب سيبقى رئيساً لثلاث سنوات ونصف أخرى <…> بطريقة أو بأخرى، يحتاج الطرفان إلى الحوار».

أما وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو فقد اعتبر أن واشنطن –بعد زيارة ويتكوف لموسكو– باتت تفهم بشكل أفضل شروط روسيا لإنهاء حرب أوكرانيا. وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية أمس الأربعاء: الولايات المتحدة ترى أن القضية الإقليمية تمثل «العنصر الرئيسي» في أي تسوية، مؤكداً أن واشنطن تتوقع تقديم تنازلات من كل من موسكو وكييف.

Leave a Comment
آخر الأخبار