الحرية ـ سراب علي:
تأتي مشاركة سوريا في مؤتمر COP30 للمناخ العالمي حدثاً نوعياً لتشكل محطة محورية في عودتها إلى الساحة البيئية الدولية بعد سنوات طويلة من العزلة والحصار.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور كامل خليل اختصاصي مكافحة التلوث البيئي في المعهد العالي لبحوث البيئة بجامعة اللاذقية لـ”الحرية”، أن المشاركة السورية في هذا المؤتمر تمثل خطوة كبيرة وإيجابية بكل المقاييس، حيث إن سوريا التي عانت خلال السنوات الماضية من حرائق واسعة وجفاف شديد، تعود اليوم لتطرح رؤيتها البيئية وتشارك بفاعلية في صياغة مستقبل المناخ العالمي.
خبير بيئي: مشاركة سوريا خطوة نحو انطلاقة عالمية في العمل البيئي
عودة إلى الساحة البيئية الدولية
يرى الدكتور خليل أن مشاركة سوريا في مؤتمر COP30 “هي بمثابة عودة الأوكسجين إلى الجسد البيئي السوري بعد سنوات من الانغلاق.
مشيراً إلى أن البيئة كانت أحد أكثر القطاعات تضرراً من الأزمات، خصوصاً مع فقدان الغطاء النباتي في الغابات التي كانت تشكل خزانات للكربون.
ويضيف: إن اختيار البرازيل وغابات الأمازون تحديداً، لعقد المؤتمر يحمل رمزية واضحة، باعتبارها رسالة تذكير بأهمية الغابات كركيزة في مواجهة التغير المناخي، وهو ما يتقاطع مع التحديات التي تواجهها سوريا نتيجة الحرائق التي التهمت مساحات واسعة من غاباتها في السنوات الأخيرة.
نحو نظام مناخي أكثر عدلاً
حول الرسائل التي تسعى سوريا لإيصالها في المؤتمر، أوضح الخبير البيئي أن سوريا تحمل رسالة مزدوجة: الأولى هي التأكيد على مسؤولية الدول الصناعية الكبرى عن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، والثانية هي المطالبة بنظام مناخي أكثر عدلاً يُراعي احتياجات الدول النامية والمتضررة.
وأضاف: إن الدول الصناعية تسببت تاريخياً في ارتفاع درجات الحرارة العالمية، فيما تتحمل الدول النامية، مثل سوريا الآثار الأشد من جفاف وتصحر وحرائق، مشيراً إلى أن سوريا تسعى لتكون جزءاً من الحل لا من المتفرجين، من خلال الانخراط في مبادرات خفض الانبعاثات وتبني سياسات للطاقة النظيفة.
نقطة تحول
ويعتبر خليل أن هذه المشاركة قد تشكل نقطة تحول حقيقية في إعادة تموضع سوريا ضمن النظام المناخي العالمي، مضيفاً أن المرحلة المقبلة ستشهد تعزيز التعاون مع الدول الصديقة والمنظمات الدولية في مجالات إعادة تشجير الغابات، وإحياء الأنظمة البيئية المتضررة، وإطلاق مشاريع في مجالات الطاقة الشمسية والرياح.
وأشار إلى أن سوريا قطعت خلال السنوات الأخيرة خطوات نوعية نحو الطاقة البديلة من خلال تسهيلات مالية ومشاريع محلية لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية، تمهيداً لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ملامح النهضة البيئية المقبلة
وبحسب الدكتور خليل، فإن النهضة البيئية في سوريا ترتكز على أربع ركائز رئيسية وهي :
١ـ إعادة تأهيل الغابات وحمايتها من الحرائق باعتبارها الخزان الأهم للكربون.
٢- التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة (الرياح، الشمس، الوقود الحيوي).
٣-تحفيز استخدام وسائل النقل النظيفة، مثل السيارات الكهربائية.
٣- إعادة بناء التعاون الإقليمي والدولي لعقد اتفاقيات بيئية مشتركة، خاصة في مجال مكافحة الجفاف وحماية الموارد المائية.
كما ختم د.خليل بالقول: إن مشاركة سوريا في COP30 ليست مجرد حضور رمزي، بل هي تعبير عن إرادة وطنية للانخراط مجدداً في القضايا العالمية، وإثبات أن سوريا قلب الشرق الأوسط، و يمكن أن تكون جزءاً فاعلاً في بناء مستقبل مناخي أكثر توازناً وعدلاً.