ماذا بعد إلغاء “قيصر”؟

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

أسعد خبر إلغاء “قانون قيصر” جميع السوريين، ووضعهم في حالة متقدّمة من الأمل بإمكانية تحقيق مستقبل أفضل لأبنائهم، وأحفادهم بعد أن طحن “قيصر” على مدى نصف عقد كل طموحاتهم للعيش الكريم، وسدّ أمامهم طرق العمل لإنضاج ثمار التعافي الاقتصادي والاجتماعي باكراً.
اليوم؛ وبعد تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على قرار إلغاء “قانون قيصر”، كيف يمكننا توفير الإمكانيات والموارد الكافية للاستفادة من هذا القرار المصيري بما يساهم في تحسين مستوى معيشة جميع السوريين، وفي أسرع وقت ممكن؟
سؤال مشروع، وإن كانت الإجابة عليه فوق طاقة البلاد حالياً، ما يتطلب من الحكومة في الأيام المقبلة توفير إجابات متنوعة ومتعددة، سياسية واقتصادية واستثمارية وثقافية ومجتمعية، والأهم يجب ألّا تقتصر المشاركة في خط هذه الإجابات على إمكانيات الداخل، ففي الخارج أكاديميون ورجال أعمال سوريون لديهم من الخبرات العملية والأفكار الإبداعية ورؤوس الأموال الكبيرة ما يؤهلهم لأن يكونوا شركاء فاعلين في مرحلة إعادة الإعمار وتطوير البلاد على الصعد كافة.
ومتابعة لقرار إلغاء “قانون قيصر”، علينا الاستنفار الكامل.. مؤسسات وأفراد.. لوضع استراتيجية متكاملة تتضمن خططاً مرحلية على مستوى كل وزارة وقطاع ومؤسسة هدفها تهيئة البنية التحتية والتقنية والتشريعية وتوفير الموارد والكوادر للانطلاق مباشرة إلى ميدان العمل بعد الإقرار الأمريكي النهائي لإلغاء “قيصر”، والأهم من ذلك على الحكومة السورية حشد الدعم العالمي لسوريا، وجمعه تحت سقف واحد ليكون مؤتمراً دولياً للتعافي أو لإعادة الإعمار.. من أجل إخراج هذا الدعم من إطاره التعبوي والإنساني إلى مجالات الاستثمار والاقتصاد ومشروعات البنية التحتية التقنية والخدمية المتكاملة التي تتيح للسوريين المهجرين العودة إلى منازلهم وأعمالهم والمشاركة الفعالة في ازدهار بلدهم وتطوير اقتصاده.
وفي السياق ذاته يرى خبراء أن رفع العقوبات الأميركية يمنح سوريا فرصة للتعافي، لكن نجاحها مرهون بقدرة المؤسسات الاقتصادية والمصرفية على إقرار سياسات فعالة تعيد الثقة بالاقتصاد الوطني، بحيث لا يتحول أثر إلغاء “قانون قيصر” إلى مكسب قصير الأمد، كون منافع هذا القرار الأمريكي لا تقتصر على سوريا لوحدها بل تعمّ المنطقة بأكملها وتتجاوزها إلى دول أخرى من خلال:
– توفير إمكانية استيراد معدات وتقنيات وآليات حديثة لدعم جهود إعادة تأهيل البنية التحتية.
– استفادة المستثمرين ورجال الأعمال من الضمانات المصرفية والحماية الدولية في التعاملات النقدية مع سوريا إلى جانب القوانين والتسهيلات الاستثمارية الجديدة المساعدة.
– انعكاس أي استقرار اقتصادي سوري على اقتصادات المنطقة، سواء من خلال استثمارات القطاع الخاص للدول الأخرى في سوريا أو عبر العقود التي تبرمها حكوماتها مع الدولة السورية.
– تحسين ظروف النقل البري والجوي والبحري عبر سوريا بعد سنوات من التعطيل وارتفاع التكاليف سيكون له أثر ايجابي مباشر على المنطقة بأسرها.
حقيقة أن الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وحتى النفسية كثيرة وكبيرة، شرط أن نُحسن استثمارها في التوقيت والمكان المناسبين دون تأخير، وربط الأفكار والخطط بالموارد والإمكانيات، لتحقيق نهضة عمرانية وإنتاجية تعمّ جميع البلاد من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، كوحدة جغرافية وروحية منسجمة وقوية.

 

الحرية- عمران محفوض

Leave a Comment
آخر الأخبار