ما بعد المعرض أجمل

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

سامي عيسى:

قاربنا تجاوز خمسة عشر عاماً قضاها اقتصادنا الوطني، من مصيبة لأخرى، ومن مشكلة كبيرة إلى مشكلة أكبر، فرضتها تداعيات حرب عبرت تلك السنين، رافقها حصار اقتصادي، وعقوبات اقتصادية هي الأخطر في تاريخ الشعوب، دٌمر فيها الكثير من البنى التحتية والخدمية، بطريقة ممنهجة، لضرب مكونات بنيتنا الاقتصادية، وقبلها الاجتماعية بكل مفرداتها، وذلك بقصد إنهاك قوة الدولة، فكانت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، الواحدة تلوى الأخرى، لكن تدبير الدولة اليوم، وثبات المواطن، وتكاتف القطاعات الاقتصادية”العامة والخاصة” أفرزت مصادر قوة جديدة” استمد منها المجتمع بكل مكوناته وأطيافه، حالة البقاء وقوة الاستمرار للاقتصاد الوطني، رسمت ملامحها تظاهرة اقتصادية ضخمة، وسط ظروف اقتصادية ومعيشية في غاية الصعوبة، تمثلت بمعرض دمشق الدولي في دورته 62 و بنسخته الأولى” بعد التحرير” على أرض مدينة المعارض بدمشق، حاملاً رسالة باتجاهين: الأول: يؤكد فيها قوة اقتصادنا الوطني، وقدرته على التأقلم مع كل الظروف، والاعتماد على المتوافر من إمكانات، للحفاظ على الهوية الوطنية من جهة، وتأمين استمرارية مصادر قوته المتبقية من جهة أخرى..
أما الاتجاه الثاني: وهو الأهم فيستهدف العالم الخارجي، برسالة أقوى من فعلها على الأرض، وخاصة للمتآمرين على الدولة السورية بحلتها الجديدة، وإدارتها التي تسعى للنهوض بسورية، إلى مواقع متقدمة من القوة الاقتصادية والاجتماعية، وحتى الخدمية، والتي تثمر عن واقع أفضل يستهدف بالدرجة الأولى معيشة المواطن بكل أبعادها، والذي يؤكد ذلك، المشاركة الواسعة من الشركات الإنتاجية الوطنية، والتي تجاوز عددها أكثر من ألف شركة”محلية وخارجية” إلى جانب عشرات الدول المشاركة، في جميع المجالات الإنتاجية، والحضور المميز لأكثر الفعاليات الاقتصادية “داخلية وخارجية” وكل حضور لها حمل رسائل متعددة، حول قوة الإنتاجية الوطنية بشقيها” العام والخاص” وقدرت مكونات المجتمع على تجاوز مفردات الحرب، وتداعياتها السلبية، التي أرخت بظلالها على مساحة الوطن طيلة السنوات السابقة…!
وبالتالي اللوحة التي رسمتها المشاركة الواسعة في “معرض دمشق الدولي”  هي في حقيقةً الأمر” مكون جديد” يحمل مفردات رؤية وطنية جديدة، وبواقع أفضل، ومنهج عمل تشاركي واحد، بأجنحة متنوعة “عامة وخاصة” قوامها تكاملية العملية الإنتاجية وخاصة الزراعية والصناعية منها، واستثمارها لتأمين ديمومة المصادر البديلة لقوة الاقتصاد الوطني، التي أمنتها الدولة في ظل غياب مواردها الرئيسية المسيطر عليها في المنطقة الشرقية من قبل جهات مختلفة..
وبالتالي من هنا نجد أن ” معرض دمشق اليوم” بعد التحرير يشكل رافعة جديدة تؤمن مصادر قوة متجددة، بمفردات متنوعة من حيث الآلية والإنتاجية، ينبغي الحفاظ عليها بقصد تأمين استمرارية هذا المعرض بنسخ متكررة، وتسجيل نجاحات إيجابياتها تطول كامل تراب الوطن، وذلك من خلال مجموعة إجراءات تنشط الحالة الإنتاجية، وتحقق تكاملية الإنتاج الزراعي والصناعي، مروراً بدعم قطاع التصدير وتحقيق انسجام جميع القطاعات، وتخفيف روتين الإجراءات، وصولاً إلى جملة من الإجراءات، التي تكفل المشاركة الواسعة في المعارض الخارجية، والتي تحمل في مضمونها حالات التعافي للاقتصاد السوري..
وما نتمناه من “معرض دمشق اليوم” ألا يبقى ضمن حدوده، التي حملتها نسخته الأولى بعد التحرير، ونأمل بنسخ أخرى تحمل مفردات جديدة، وبمشاركات تحاكي جغرافية العالم على أوسع نطاق، وهذا ما نتمناه، ويتمناه كل مواطن، إيماناً بقوة الاقتصاد الوطني، وتنوع مفردات هذه القوة..

Issa.samy68@gmail.com

Leave a Comment
آخر الأخبار