الحرية– مرشد ملوك:
قد يكون الحديث العام عن مستقبل سوريا ما بعد رفع “العقوبات الأمريكية” فيه بعض السذاجة أمام الدارسين والباحثين بالشأن السوري، لأن ثقل هذه العقوبات وتالياً مرحلة الانفراج ما بعد زوالها هو تأكيد المؤكد، لكن “المود” الشعبي السوري العارم الذي خرج إلى الساحات العامة مهللاً لقرار رفع العقوبات يضع الرسالة الإعلامية السورية أمام تحدياتها الوطنية في الطرح والنقاش لهذا المناخ الجديد الذي صلنا إليه.
من أين نبدأ؟..
من الزراعة السورية التي عادت إلى حدود أدوات وعيش الإنسان القديم الأول الذي لم يعد له وجود إلا في الخيالات العلمية، وتجدنا نصاب جميعاً بالذهول من بعض المشاهد على وسائل التواصل الاجتماعي لما وصلت إليه تكنولوجيا الزراعة في العالم. أم من الصناعة السورية التي غدت مادة للتندر والسخرية بعدما كانت سورية “يابان الشرق” بفعل التطور الصناعي المشهود له وموجود.
وفي قصص التجارة السورية ما يندى له الجبين من قصص التحويلات ثلاثية ورباعية الاتجاه حتى يصل التمويل التجاري إلى مبتغاه الأخير، أم تكون البداية من صناعة الخدمات في التسويق وغيره؟.
القصة المالية والنقدية
وتبدو العقدة الكبرى التي تم حلها في القطاع المالي والنقدي، من العودة إلى نظام “سويفت” الخاص بتحويل الأموال حول العالم، والعقوبات التي كانت مفروضة على المصرف المركزي السوري وعلى المصارف السورية.
كذلك فك الاحتباس عن سوق التأمين التي يحتاج كما أي عمل إلى استقبال الأموال الأجنبية وتحويلها إلى الخارج، أضف إلى الحاجة إلى معيدين خارجيين لدعم هذه الصناعة.
محور الاستثمار
كل ما سبق هو ما يسمى البيئة الحاضنة والجاذبة لأي استثمار تنشده البلاد، وهو ما يتحقق بقوة جراء رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، الاستثمار في الصناعة والتجارة والزراعة وفي الطاقة وفي التكنولوجيا وفي السياحة والاستثمار هو المحور الذي تدور حوله كل جوانب الاقتصاد، وهنا كان المأزق الاقتصادي الكبير، لأن أي اقتصاد لا تدخل عليه الرساميل الأجنبية والخارجية سواء لسوريين أو غير سوريين، يكون كمن ينفخ في قربة مفتوحة، أو هو الهواء نفسه الذي يدور داخل حوجلة، وبالتالي لا وجود لأي تجديد فيه.
العقل السوري
كل ذلك ستكون له منعكسات مباشرة على حياة ومعيشة المواطن السوري، الذي يفتقر لأدنى متطلبات الحياة، وهو ينتظر اليوم لأيام حتى يستطيع سحب أجره الشهري من المصرف كمثال بسيط لتفاصيل كثيرة، ولا يستطيع استقبال حوالة مالية بالطرق النظامية، المواطن الذي يفتقر لأدنى متطلبات الحياة في توفر الكهرباء أو العمل بأجر يحفظ له كرامته.
الميزة الكبرى هي توفر البيئة المناسبة والمحفزة لإطلاق العنان للعقل السوري المبدع الخلاق للمساهمة الفاعلة في إعادة اعمار وبناء بلده الذي انهكته الحرب على مدى عقد ونصف، العقل السوري الذي أحدث خروقات كبيرة على مستوى دول العالم خلال الفترة القريبة الماضية وخلال الفترات الزمنية السابقة، الأمر الذي سيجعل من سورية قبلة للعمل والتطور.