الحرية – محمد فرحة :
تملأ صفحات وزارة الزراعة ومديرياتها صور المعنيين عن قطاع الزراعة، في شقيه النباتي والحيواني، ما يذكرنا بجولات مشروع تطوير الثروة الحيوانية الذي أنفق عليه المليارات من إحضار واستيراد حلقات من الخارج، “نيوزيلندا” مثالاً، ومن ثم محاولة إعادة ترقيمها من جديد مرة ثانية، ومع هذا وذاك ماذا كانت النتائج؟
أترك الإجابة للقارئ ولأصحاب الثروة الحيوانية..
هذا في الشق الحيواني، أما ما يتعلق بالجانب النباتي فحدّث ولا حرج، فقد كانت المؤتمرات وورشات العمل على قدمٍ وساق في أفخر الفنادق “الفور سيزنز”، وتتم دعوة المئات من داخل البلد ومن خارجه / لبنان والعراق /، كما حدث يوم أطلقت الحكومة البائدة على عام القمح فكان أسوأ عام فيما يتعلق بالإنتاج.
وبالعودة لما بدأنا به وكذلك مضمون عنوان موضوعنا نلاحظ بأن المعنيين يمارسون الطرق نفسها و الأسلوب نفسه، أي تصريحات و”شوية صور” من مختلف الاتجاهات، واللافت في بعضها لمحاصيل نحن بصدد حصادها وجنيها كالقمح والشعير وغيرهما من المحاصيل الشتوية..
يبدو أن البعض يعتقد بأن التكرار يولد الإقناع، رغم أنه لا يتعدى عن الانطباع، وحتى لا نكون جحودين أو يقال عنا “سولفنا الشينة وتركنا الزينة”، نشير هنا إلى تفقد موسم الفستق الحلبي وما عانى منه مزارعوه في السنوات الخمس الماضية من استغلال وسمسرات وتأجير وتضمين وقطع وحرق، كان كافياً لإعادة مئات من آلاف الأشجار إلى اليباس حينا والقطع حيناً آخر…
كل ذلك كان يجري تحت يافطة “المصلحة العامة” وعدم ترك الموسم والأرض للمتسلقين وأصحاب النفوذ بالسطو على إنتاج الموسم، وكان حاميها حراميها..
لا ننكر جهود أحد اليوم في جولات تفقد موسم الفستق الحلبي وسماع شكاوى المزارعين وتحديداً في بلدة مورك أمّ الفستق الحلبي، كيف كانوا يعانون من فئة من الناس ويستثمرون أراضيهم ..
لكن السؤال ماذا يمكن أن يقدم اليوم لهؤلاء المزارعين وموسم الفستق على أبواب الجني والقطاف، وكلنا يعلم أنّ الجفاف وانحباس الأمطار كانا وراء ما أصاب الموسم من تراجع الإنتاج من جهة وشح الإمكانات المادية لدى المزارعين لسقاية الأشجار أو رشها بالمبيدات لتجنب الحشرات الضارة وأثرها البالغ على المردود الإنتاجي.
وإذا ما انتقلنا للحديث عن محصول القمح فقد يحتاج للمزيد من الحيز، فمنذ سنوات وسنوات ونحن نسمع ونقرأ بأنه تمّ الوصول علمياً وبحثياً لإنتاج بذار من القمح يقاوم الجفاف وذي مردود عالٍ في وحدة المساحة، بل وقد اعتمدنا بعضاً من هذه الأصناف.
إذاً أين مردودها اليوم ويوم أمس؟
فجل ما يدور ونقرأ عنه ونشاهده لا يتعدى ما كنا نشاهده ونسمع عنه في ظل الحكومات المهترئة البائدة التي أعادت، ليس القطاع الزراعي فحسب إلى الحضيض، بل كل القطاعات، وركزت على استيراد القمح بدلاً من تحفيز المزارعين وتشجيعهم وتقديم أسعار شراء مقنعة، وتقديم المستلزمات بالدين الآجل كما فعلت حكومة اليوم.
بالمختصر المفيد؛ العالم كله بات اليوم يعلم أن تراجع الإنتاج في القطاع الزراعي سببه نوبات الجفاف المتطرف وشدة ارتفاع درجات الحرارة وبالتالي قلّة الواردات المائية لسقاية المحاصيل حيث خرجت آلاف الهكتارات من دائرة المردود الإنتاجي، ومثلها في أشجار الفستق الحلبي وفقاً لأحاديث المزارعين في ريف محافظة حماة /مورك/ وحديثهم لمديرية زراعتها الموجودة على صفحات وزارة الزراعة ومديرية زراعة حماة.
أي أن هذه الجولات اليوم لا تسمن ولا تغني عن جوع، ونرى الأهمية والتركيز منذ الآن على الاستعداد للمواسم القادمة وتهيئة كل عوامل النجاح والاستقرار لزهو ونمو قطاعنا الزراعي الركيزة الأساسية لاقتصادنا المحلي والذي هو بامتياز زراعيٌ، زراعيٌ و زراعي .