الحرية- غيداء حسن:
في زمنٍ تتوق فيه سوريا إلى مشاريع حقيقية تُعيد بناء الإنسان قبل الحجر، أُطلقت واحدة من أهم المبادرات الطبية الإنسانية هذا العام، بقيادة الدكتور عمر كفتارو، جرّاح العظام المعروف بخبرته الواسعة وتكوينه العلمي في ألمانيا والولايات المتحدة.
ففي شهر رمضان المبارك، تم تنفيذ خمسين عملية مجانية لتبديل المفاصل لمرضى محتاجين، اختيروا -حسب د.كفتاروـ بعناية، بناء على معايير طبية وإنسانية. وجاءت هذه المبادرة بالتعاون مع منظمة “هذه حياتي” ومنظمة “قيام سوريا”، وبدعم لوجستي وطبي من مستشفى الشامي في دمشق.
وهذه المبادرة تأتي في سياق مشروع متكامل يقوده د. كفتارو، الذي افتتح مؤخراً مجمع عيادات حمل اسمه، مختصاً بجراحة العظام والمفاصل في دمشق «أبو رمانة» كمركز طبي حديث يوفّر رعاية متخصصة، ويشكّل منصة عملية لدعم المبادرات المجتمعية والإنسانية في القطاع الصحي.
الدكتور كفتارو، الذي أمضى أكثر من ١٥ عاماً في ألمانيا في مجال جراحة العظام، بينها تخصص دقيق في جراحة تبديل المفاصل في أحد أكبر مستشفيات ولاية سكسونيا السفلى، أعرب في تصريح لصحيفة الحرية، عن أن هذه المبادرة لم تكن مجرد نشاط طبي تطوعي، بل كانت “رسالة أمل وعافية في قلب سوريا”.
ويضيف: “ما فعلناه هو خطوة أولى فقط. الحلم أكبر. نطمح خلال عام 2025 للوصول إلى خمسمئة عملية تبديل مفصل مجانية، عبر مراحل مدروسة، وأطباء مؤمنين بأن الشفاء لا يجب أن يكون امتيازاً، بل هو حق”.
مشيراً إلى أنه خلال عمله في ألمانيا، كان يرى كيف يُعامل المريض باحترام وكرامة، وهذا ما يطمح إلى تجسيده هنا. هذه المبادرة ليست عملاً خيرياً عابراً، بل محاولة لتأسيس ثقافة طبية جديدة، يوضع فيها الإنسان أولاً.
وما ميّز هذه الحملة، إلى جانب عدد العمليات، هو التنظيم الدقيق والتكامل بين الفرق الطبية والمتطوعين والشركاء. وتم التركيز على الحالات المتقدمة والمؤلمة التي طال انتظارها، في ظل صعوبات اقتصادية خانقة، بات معها الحصول على مفصل صناعي حلماً باهظ الثمن.
ورغم التحديات، يرى الدكتور كفتارو أن هذه المبادرة يمكن أن تكون نواة لنهج مستدام في الرعاية الصحية المجانية الموجهة للفئات الأشد حاجة، متى توفرت الإرادة وتضافرت الجهود. ويؤمن بأن نجاح هذا النموذج ممكن، إذا اجتمع عليه الأطباء السوريون في الداخل والخارج، ممن يحملون المعرفة والخبرة، والرغبة في أن يكون لهم دور في بناء واقع طبي أكثر عدالة وإنسانية في سوريا.