الحرية – باسمة اسماعيل:
تشارك سوريا في النسخة التاسعة من “مبادرة مستقبل الاستثمار” (FII) التي تعقد في المملكة العربية السعودية، وهي خطوة إستراتيجية تهدف إلى إعادة بناء العلاقات الاقتصادية مع محيطها العربي،ولاسيما المملكة العربية السعودية.
يأتي هذا الحضور السوري بعد سنوات من العزلة التي فرضتها السياسات السابقة، ليجسد رغبة قوية في الانفتاح على العالم والتطلع إلى المستقبل، تحت شعار “مفتاح الازدهار”.
في هذا السياق، تشير الدكتورة منى بيطار، رئيسة قسم العلوم المالية والمصرفية في كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية، إلى أهمية هذا التواجد في تسليط الضوء على سوريا كوجهة استثمارية واعدة في المرحلة المقبلة.
فتح آفاق جديدة
مبادرة “مستقبل الاستثمار” التي تعقد في الرياض، تعدّ منصة حيوية لاستعراض أبرز الفرص الاقتصادية والمالية في المنطقة والعالم، ورغم التحديات التي تواجهها سوريا، فإن مشاركتها في هذا الحدث العالمي تأتي في وقت بالغ الأهمية من أجل إعادة استكشاف فرص التنمية وفتح أفق جديدة للتعاون مع دول المنطقة.
التواجد السوري ضرورة
الدكتورة منى بيطار أكدت في تصريحها لـ “الحرية” أن التواجد السوري في مثل هذا الحدث الدولي يعد ضرورة ملحة بعد فترة طويلة من العزلة.
وقالت: إن هذا التواجد يقدم سورية كأرض جاذبة للاستثمارات، ويعكس رغبتها في أن تكون جزءاً من التحولات الاقتصادية الكبرى التي تشهدها المنطقة، مضيفة أن سوريا تسعى للاستفادة من هذه الفرص على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال فتح أبواب التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، وتحديداً المملكة العربية السعودية، بما يسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية.
وبالنسبة للفرص الاستثمارية، أوضحت بيطار أنه من وجهة نظر اقتصادية، أي نوع من الاستثمارات الي سيتم استقدامها، سيكون مهماً لسوريا في هذه المرحلة، سواء أكانت استثمارات كبيرة أم صغيرة أم فارهة … الخ ، مشيرة إلى أن سوريا تعاني حالياً من قحط استثماري حاد نتيجة الظروف التي مرت بها خلال السنوات الماضية.
وأكدت أن الاهتمام الأكبر يجب أن ينصب على خلق بيئة قانونية وتشريعية مناسبة، بحيث تكون سوريا مستفيدة من أي نوع من الاستثمارات قد يدخل السوق السوري.
وتابعت بيطار: على اعتبار أن المستثمرين هم مَن يحددون مجالات استثماراتهم بناء على العوائد والمخاطر والمدة الزمنية المطلوبة لاسترداد رأس المال، لذا فإن الترتيبات القانونية والتشريعية الجيدة تعد أساساً لتحقيق أقصى استفادة من هذه الاستثمارات.
ولفتت إلى أن النشاط الاستثماري يحمل في طياته العديد من العوائد الاقتصادية ذات الأهمية الكبرى لسوريا، حيث يتجسد تأثيره في آليات اقتصادية فعّالة وتفاعلات مركبة، تؤدي إلى آثار مضاعفة على المدى الطويل.
وأشارت إلى أنّ زيادة النشاط الاستثماري ستسهم بشكل مباشر في زيادة الدخل القومي، وتسرع من عملية تطوير البنى الفوقية المتمثلة بالعنصر البشري، مبينة رغم أن سوريا تمتلك طاقات شبابية واعدة، إلّا أن هذه الطاقات بحاجة إلى صقل خبراتها وتدريبها لتمكينها من تلبية احتياجات السوق.
وأكدت الدكتورة منى أهمية دعم عملية إعادة هيكلة قطاع الخدمات وقطاعات الدعم اللوجستي الخدمي، مشيرة إلى أن سوريا لا تزال متأخرة بشكل ملحوظ في هذين القطاعين مقارنة مع الدول المتقدمة.
بداية مرحلة جديدة من الانفتاح
إنّ مشاركة سوريا في “مبادرة مستقبل الاستثمار” تمثل بداية مرحلة جديدة من الانفتاح على العالم، خاصة في المجال الاقتصادي والاستثماري. فبفضل الفرص التي يوفرها هذا الحدث العالمي، يمكن لسوريا استعادة مكانتها على الساحة الدولية، والاستفادة من التحولات الإقليمية والعالمية في تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الدول العربية والدول الصديقة.
يبقى الأمل معقوداً على إنشاء بيئة استثمارية تشجع على دخول الاستثمارات بكل أنواعها، ما يسهم في إعادة بناء الاقتصاد السوري ويدفعه نحو المستقبل.