“مجالس خبرة”

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – سامي عيسى:

التفكير فيما هو آتٍ في مستقبل الأيام، أمر طبيعي ومهم جداً لكون الإنسان بفطرته يعيش في حالة تفكير مستمر لوجوده، والبحث في أسباب استمرارية هذا الوجود، وتقييم ما مضى من سلوك، وما هو آتٍ لتحقيق الأفضل، وتأمين سلامة وجوده، هذا على مستوى الفرد، فكيف هي الحال على مستوى دول وشعوب..؟!
وهنا من الطبيعي جداً أننا في سوريا.. وعلى كافة المستويات.. نفكر فيما هو قادم من الأيام “والحديث هنا” عن المستوى الاقتصادي ومحاولات الخروج من الأزمة الحالية، وتأثيرات حرب طويلة بكل أبعادها، استهدفت بلدنا منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وهذا التفكير يحمل الكثير من المعطيات التي تؤكد صوابية الاتجاه، رغم قلة الإمكانات وضعف الموارد، التي تمتلكها الحكومة من جهة، واختلاف حجم التعافي من قطاع لآخر سواء الاقتصادي، أم الخدمي وحتى الاجتماعي، من تداعيات الحرب والتدمير الذي تعرضت له معظم مكونات الاقتصاد الوطني من جهة أخرى، والتي تشكل مصادر مولدة للدخل المستمر، والقوة الأساسية في تركيبة الموارد الاقتصادية الكلية، وفي مقدمتها قطاع الإنتاج الصناعي، الذي يشكل في تركيبته المتنوعة، الحامل الأكبر لقوة الاقتصاد، وتنوع موارده، والداعم الأكثر للخزينة العامة..!
وبالتالي كل ذلك يضع الحكومة وفريقها الاقتصادي، أمام خيارات صعبة قياساً بالظروف، جميعها تصب في حتمية إيجاد الحلول المناسبة لخروج الشركات الإنتاجية من واقعها السيئ الذي فرضته سنوات الحرب والتدمير الممنهج لمعظم خطوط الإنتاج، إلى جانب فقدان قسم كبير من قوة العمل، والعمالة الخبيرة، التي قامت على أكتافها قوة العمل الإنتاجية ما قبل الأزمة، والتي وصلت بها إلى حالات إنتاجية حققت معادلة اقتصادية إيجابية، انعكست بكل تأثيراتها على واقع السوق المحلية والخارجية، وفرض معادلة اكتفاء ذاتي، وتسويق خارجي بإيجابية يعود ريعها إلى خزينة الدولة..
ونحن ما أحوجنا اليوم لتحقيق هذه المعادلة، وتجاوز المشكلات والصعوبات التي خلفتها سنوات الحرب، والبدء بمرحلة تعافٍ تستهدف بالدرجة الأولى”خطوط الإنتاج” التي تؤمن مفردات المعادلة، والوصول إلى حالة متقدمة من العمل، يتم من خلالها تحقيق معادلة السوق من جهة، وزيادة الإنتاجية والمردودية الاقتصادية من جهة أخرى، لتأمين ديمومة مصادر دخل تؤمن استمرارية العمل على جميع الجبهات الاقتصادية والخدمية، وانعكاسها على الجانب الاجتماعي بكل أبعاده..!
ولتحقيق ذلك لابد من توافر المزيد من الإجراءات، لتشكل برنامجاً واجب التنفيذ الفوري في مقدمتها: “مجالس خبرة” للشركات يتم تشكيلها من أهل الاختصاص بكل منتج مدعومة بالمرونة والشجاعة في تحمل المسؤوليات، مهمتها الأساسية النهوض بواقع خطوط الإنتاج في الشركات، والوصول بها إلى العائد الاقتصادي المطلوب، يعقبه إجراء لا يقل أهمية لنجاح الإجراء الأول، والذي يكمن في توفير رقابة مسؤولة، تعتمد الوقاية، ومعالجة الأخطاء مباشرة، بعيداً عن رقابة انتظار الأخطاء وتصيد أصحابها، كما كان يحصل في العهد البائد..!
وتالياً.. فإن ترجمة ذلك على أرض الواقع، من شأنه تأمين إدارات قادرة على الإدارة، وتوجيه البوصلة نحو التفكير المستمر، بإيجاد المبادرات الذاتية، التي تقضي بالضرورة حالات تطوير لما هو قائم على صعيد العملية الإنتاجية، وتعظيم المردودية الاقتصادية، وانعكاسها بصورة مباشرة على قوة العمل، والعمالة في تحسين مستوى المعيشة.. ومن غير ذلك تبقى كل الإجراءات مراوحة في المكان.
Issa.sami68@gmail.com

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار