محكمة ضريبية وفوترة إلكترونية.. قانون ضريبي عصري يطرق الأبواب

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – نهلة أبو تك:

أعلن وزير المالية محمد يسر برنية عن استكمال إعداد مشروع قانون جديد للضريبة على الدخل وطرحه للتشاور العام قبل اعتماده بشكل رسمي، واصفاً الخطوة بأنها محور أساسي في مسار الإصلاح الضريبي في سورية، ويأتي المشروع ليؤسس لمرحلة مختلفة من العمل الضريبي، قائمة على العدالة والشفافية والتنافسية، وبالانتقال من الدور التقليدي القائم على الجباية إلى مؤسسة تنموية تساهم في تحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار وتحسين الواقع المعيشي.

القانون الجديد يعكس تحوّلاً في الفلسفة الضريبية، إذ يضع هيكلًا مبسطاً للضريبة على دخل الأفراد والأعمال مع نسب مخفضة، ويعتمد مبدأ التدرج بما يراعي الظروف المعيشية والقدرة على الدفع، مع تحديد سقوف واضحة تسهّل التطبيق وتضمن الإنصاف. كما يمنح إعفاءات استراتيجية واسعة تشمل التنازل عن حصص الشركات وإعادة تقييم الأصول الثابتة وفوائد الإيداعات المصرفية والقطاع الزراعي بكافة مكوناته، إلى جانب إعفاءات اجتماعية تراعي شرائح محددة مثل المتقاعدين وذوي الاحتياجات الخاصة والعسكريين. ويشمل كذلك إعفاءات خاصة بقطاعات الصحة والتعليم والتقانة والطيران، ما يعكس توجهًا لدعم القطاعات الحيوية ذات الطابع التنموي.

ولإرساء قواعد الحوكمة، نص المشروع على إلغاء الاستعلام الضريبي السابق واعتماد نظام إلكتروني متطور يقوم على اختيار عينات للتدقيق بعيدًا عن التدخل البشري، مع إطلاق منظومة للفوترة الإلكترونية تسهم في ضبط التعاملات ومنع التلاعب. كما يكرس حق المكلف في الاعتراض والتقاضي عبر إنشاء محكمة ضريبية متخصصة تنظر في النزاعات بشكل مستقل، في خطوة تهدف إلى تعزيز ثقة المكلفين وضمان العدالة.

أما على الصعيد القانوني، فقد استُبدلت عقوبة الحبس في المخالفات الضريبية بغرامات مالية محددة، مع إتاحة المجال لإجراء مصالحات ضمن شروط وضوابط دقيقة، إضافة إلى تقييد الحجز على الأموال بما يحقق التوازن بين حماية حقوق الخزينة وعدم الإضرار بالمكلف.

الخبير الاقتصادي الدكتور علي محمد أكد لـ «لحرية» أن هذا المشروع يشكل نقلة نوعية بعد عقود طويلة من اعتماد قانون يعود إلى عام 1949، مشيراً إلى أن تحديث النظام الضريبي لم يعد خيارًا بل ضرورة وطنية. وقال: الضريبة ركن أساسي من أركان الإيرادات العامة، لكن أهميتها تتجاوز كونها أداة مالية، فهي يجب أن تكون ثمنًا ندفعه لنرتقي بمستوى المعيشة، شرط أن تنفق حصيلتها في أوجه تسهم فعلًا في نهضة الاقتصاد الوطني وتحسين حياة الناس.

وزارة المالية شددت من جانبها على أن المشروع يتماشى مع قانون الاستثمار وتعديلاته، ويراعي متطلبات التحول الرقمي ويواكب التشريعات الحديثة، مؤكدة أن جميع القوانين السابقة المتعلقة بضريبة الدخل ستلغى تلقائيًا مع بدء العمل بالقانون الجديد.

Leave a Comment
آخر الأخبار