مخرجات زيارة الرئيس الشرع إلى الدوحة.. وساطة قطرية باتجاهين عراقي- روسي والمقدمات مبشّرة

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – مها سلطان:
لم تتأخر كثيراً الأخبار التي تؤكد أن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى قطر، الثلاثاء الماضي، كانت أبعد من زيارة ثنائية، وأن قطر وأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تعمل على ما هو أوسع من علاقات تعاون وتحالف باتجاه تدعيم وتسنيد سوريا الجديدة إقليمياً ودولياً، أي العمل على إعادة تكوين/تشكيل دوائر حماية قريبة وبعيدة تدفع بسوريا قدماً لتجاوز هذه «المرحلة الدقيقة والحساسة» وفق تعبير الشيخ تميم.
زيارة الرئيس الشرع إلى الدوحة/ قطر انعكست أهميتها في محورين رئيسين؛ الأول اللقاء الثلاثي الذي ضم أمير قطر الشيخ تميم والرئيس الشرع ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي قام بزيارة سريعة إلى قطر لم يتم الإعلان عنها مسبقاً، ويبدو أن هدفها الرئيس كان المشاركة في هذا اللقاء الثلاثي. والمحور الثاني متعلق بروسيا التي زارها الشيخ تميم أمس الخميس وكانت سوريا ملفاً رئيساً على طاولة مباحثاته مع الرئيس فلاديمير بوتين، ربطاً بنتائج لقاء الشيخ تميم مع الرئيس الشرع.

– اللقاء الثلاثي
بيان الرئاسة السورية تحدث عن وساطة قطرية وعن لقاء رسمي تناول العلاقات الثنائية السورية- العراقية في «إطار حرص البلدين على إعادة تفعيل مسارات التعاون والتأكيد على عمق الروابط التاريخية بين البلدين والشعبين». وأكد البيان أن اللقاء بين الشرع والسوداني «يشكل خطوة مهمة على طريق علاقات متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة».

قطر ومسار تشكيل دوائر حماية إقليمية دولية حول سوريا.. لقاء مباشر جمع الرئيس الشرع والسوداني ووساطة على خط روسيا

وعرض بيان الرئاسة السورية مضمون اللقاء الذي ركز على القضايا الأمنية، الحدود والمعابر، وتعزيز التنسيق الميداني والاستخباراتي، إلى جانب قضايا التعاون الاقتصادي، مشيراً إلى تأكيد كل من الشرع والسوداني على ضرورة احترام سيادة واستقلال البلدين، سوريا والعراق، ورفض كل أشكال التدخل الخارجي.
بالمقابل تحدث الجانب العراقي، عن أن اللقاء الثلاثي استدعته الأحداث المتسارعة في المنطقة، وخاصة سوريا. ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن مصدر عراقي مسؤول قوله إن العراق «يراقب عن كثب التطورات في سوريا والتواجد العسكري الإسرائيلي على أراضيها».
الآن.. لا شك في أن اللقاء يشكل خطوة واسعة في مسار جديد بدأ بشكله الإيجابي/العملي، مع الاتصال الهاتفي بين الشرع والسوداني في 2 نيسان الجاري. وكان هناك شبه إجماع على أن هذا الاتصال سيقلص إلى الحد الأدنى حالة التردد (والتوجس) التي خيمت على العلاقات منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول الماضي. ولأن الاتصال كان بمبادرة من السوداني فقد تمت قراءته على أنه تحول كبير في طبيعة الموقف العراقي، هذا من جهة.. ومن جهة ثانية كان مؤشراً على تجاوز السوداني- إلى حد ما- القيود السياسية المفروضة عليه (من بيئات وأطر وفصائل كانت حليفة لنظام الأسد وحاربت في صفوف قواته على الأرض السورية).
قبل ذلك، كانت مشاركة الشرع في مؤتمر أنطاليا الدبلوماسي/تركيا في 11 نيسان الجاري، وكان الشرع رد على سؤال أحد الصحفيين حول ما إذا كان سيزور العراق قريباً، بالقول: «إن شاء الله قريباً.. العراق أهلنا».
هذا المسار اكتسب زخماً أكبر وأعمق مع اللقاء الثلاثي في قطر، والذي تلاه في اليوم التالي إعلان السوداني أنه تم توجيه دعوة رسمية للرئيس الشرع للمشاركة في القمة العربية المقررة منتصف أيار المقبل. وقال خلال مشاركته الأربعاء الماضي في ملتقى السليمانية الدولي: «نهتم بالوضع في سوريا، والعراق ليس طرفاً في أي محاور سياسية».
هذا يعني أن مشاركة الرئيس الشرع في القمة العربية المقبلة، في دورتها العادية في العراق، أمر شبه مؤكد، وستكون محطة مهمة أخرى على مسار إقامة علاقات طبيعية بين سوريا والعراق.

– وساطة على خط روسيا

المحور الثاني، كان متوقعاً بصورة كبيرة، خصوصاً أن زيارة الشيخ تميم إلى روسيا جاءت بعد يوم من زيارة الرئيس الشرع إلى قطر، ولأن استقرار سوريا مسألة مهمة لقطر، وهي تريد لهذا الاستقرار ألا يتأخر، وأن يتحقق بصورة متينة وعلى أرض ثابتة.
البعض وصفها بوساطة قطرية ما بين سوريا الجديدة وروسيا. الشيخ تميم حمل تفاصيل لقائه مع الرئيس الشرع إلى الرئيس بوتين، مشيراً إلى أنه «ناقش مع الرئيس الشرع العلاقات التاريخية بين سوريا وروسيا والتي كانت وما زالت ذات طابع إستراتيجي، وهو عازم – أي الشرع- على مواصلة هذه العلاقات وبناء تفاعل قائم على الاحترام المتبادل واحترام مصالح الشعبين». وأشار الشيخ تميم إلى أن سوريا تمر الآن بمرحلة «دقيقة وحساسة» وأنه «من مصلحتنا ومصلحة الجميع» الحفاظ على وحدة سوريا والسلم الأهلي فيها.
بالمقابل أكد بوتين أن روسيا على استعداد لبذل كل ما يلزم من أجل الحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها.
ولا تزال روسيا تسعى للمحافظة على مصالحها في سوريا، خصوصاً قاعدتيها في اللاذقية وطرطوس، وبشكل عام لم ينقطع التواصل الروسي السوري، لكن روسيا حذرة ولا تبدو واثقة أو مطمئنة وهي ترى سوريا الجديدة تنفتح على تحالفات عربية وغربية. ولا شك أن لقطر مصلحة في التقارب السوري الروسي، أولأً لأنه يعزز موقعها الجيوسياسي في المعادلات الجديدة والمتغيرة في المنطقة والعالم.. وثانياً لما يجمعها من علاقات تعاون وتحالف مع سوريا الجديدة.. وثالثاً لما يجمعها من مصالح اقتصادية كبيرة مع روسيا، إذ يكفي النظر إلى حجم الاتفاقات الاقتصادية التي عاد بها الشيخ تميم لندرك الأهمية الكبيرة لروسيا بالنسبة لقطر.. ورابعاً لأنه لا يزال لروسيا دورها المهم في مسألة المحاور وعلى رأسها استكمال عملية إبعاد إيران عن سوريا بموافقة وتعاون روسي.

– توسيع التفاؤل
هذا ما تركز عليه قطر، وتريده أن ينعكس بصورة إيجابية مباشرة ومتسارعة على سوريا. هذه الجهود القطرية إلى جانب العديد من التطورات الأخرى في سوريا والتي يمكن وصفها بالإيجابية والمشجعة.. كل ذلك يوسع دائرة التفاؤل بأن الأيام المقبلة ستحمل المزيد من الأخبار الجيدة للسوريين.

Leave a Comment
آخر الأخبار