مرحلة العمل

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- باسم المحمد:

خطوات كبيرة قامت بها الدولة السورية خلال الأيام القليلة الماضية تبلور حصيلة مئة يوم من التحرير، وتحدد استراتيجيات بلد وضعه موقعه الاستراتيجي في خضم المعادلات الدولية والإقليمية، وهذا أمر تعتمد نتائجه على ديناميكية قيادته وقدرتها على تغليب إيجابياته على سلبياته.

أولى الخطوات كانت على مستوى اللقاءات الدولية وتثبيت سوريا كعامل استقرار في المنطقة، بعدما كانت مصدراً ومعبراً للقلاقل في الإقليم لعقود من الزمن.
أما على الصعيد الداخلي فكانت الخطوات الأهم على المستوى الشعبي، والتي بدأت بتعيين المفتي لسوريا وتشكيل مجلس أعلى للإفتاء من أهل العلم المشهود لهم بتاريخهم الناصع عربياً وإسلامياً، إضافة إلى بعض القرارات الأمنية الهادفة إلى بث الطمأنينة في الداخل السوري..

لتتوج هذه الخطوات أمس بتشكيل الحكومة السورية المنتظرة من الخارج قبل الداخل، والتي تضمنت شخصيات معروفة بعلمها وبقدراتها العملية وتجاربها الناجحة، ما يدلل على أن مرحلة العمل قد بدأت بعد مرحلة تجميع البيانات وسبر أغوار عناصر القوة والضعف لمكونات الاقتصاد السوري بمؤسساته وكوادره البشرية وموارده.. واحتياجاته.

مهام صعبة في انتظار الوزراء لاسيما في الجانب الاقتصادي، لأنهم لم يتسلموا مهامهم كغيرهم من وزراء العالم، فالمؤسسات السورية كانت تشبه كل شيء إلا التنظيمات الإدارية القادرة على تفعيل مفاهيم علم الاقتصاد وتحقيق تطلعات الشعب السوري، فقد كانت عبارة عن هياكل مصممة لخدمة أفراد محددين، بغض النظر عن النتائج الكارثية التي أهدرت أموالاً طائلة، وبددت طاقات الشباب السوري، فتحولنا إلى بلد فاشل يحاول أن يُنهي كل يوم بيومه، غير آبه بما يكابده الشعب، وغير مدركٍ للتحولات العالمية.

الكثير من التقارير الدولية تقول إننا نحتاج إلى مئات مليارات الدولارات لإعادة البناء، وسنوات طوال لمواكبة تطلعات السوريين، لكن هذا لا يعني أن نستسلم لليأس ونبقى في انتظار المساعدات الدولية، بل يجب أن نثق بما نمتلكه من موارد طبيعية وكوادر بشرية، وأن ننطلق في بناء دولتنا الجديدة من أسس واضحة بعيداً عن عقليات الإقصاء والفساد والشخصنة التي كانت سائدة لعقود مضت.

خطابات السادة الوزراء بعد تكليفهم أمس كانت واضحة ودقيقة في التوجه نحو الاقتصاد الحقيقي وتأمين بيئة العمل الفعالة ليدخل الاقتصاد السوري في منظومة الاقتصاد الدولي الحر، واستقطاب الخبرات السورية في الداخل والخارج، ومواكبة الحداثة باعتماد التحول الرقمي.

الأمر الأهم لبناء مستقبلنا هو أن نعي جميعاً حساسية المرحلة التي يمر فيها العالم والمنطقة، وأن نكون على يقين بأن السند الوحيد للسوريين ليست الدول والجهات الخارجية مهما كانت نياتها صادقة، بل السوريون أنفسهم الذين يجب أن يتراصوا مع بعضهم بعضاً لتحقيق تطلعاتهم، وأن يدركوا أن حلول مشكلاتهم في أيديهم، فلا توجد دولة ستكون حريصة على استقرار سوريا وازدهارها أكثر من أبنائها.
وكل عام وسوريا بألف خير..

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار