الحرية – عمار الصبح :
تشهد أسعار الأراضي المعدة للبناء داخل المخططات التنظيمية في العديد من القرى والبلدات في محافظة درعا ارتفاعات قياسية فاقت كل التوقعات، في ظل مخاوف من أن تؤدي هذه الارتفاعات إلى حدوث مزيد من الإرباك في سوق العقارات المثقل أساساً بارتفاع التكاليف وأسعار مواد البناء.
قلة العرض وارتفاع الطلب
متابعون للشأن العقاري أرجعوا أسباب ارتفاع أسعار الأراضي إلى قلة العرض، في ظل محدودية ما تتيحه المخططات التنظيمية من مساحات قابلة للبناء، مقابل ارتفاع في الطلب على الأراضي في عدد من القرى والبلدات مؤخراً، مع قدوم قسم من المغتربين والعائدين من دول الجوار، حيث يفضل بعضهم شراء الأراضي والتشييد عليها بدل شراء المساكن الجاهزة.
تفاوت كبير
وأشار الخبير في التخمين العقاري أحمد الشحادة لصحيفتنا الحرية، إلى أن ارتفاع الأسعار شمل العديد من مناطق المحافظة مدناً وقرى، مع وجود تفاوت كبير بين منطقة وأخرى.
مطالب بتوسيع المخططات التنظيمية لزيادة العرض وإعادة التوازن للأسعار
ففي بعض القرى سجل سعر دونم الأرض المعد للبناء ٥٠ ألف دولار، فيما لم يتجاوز في قرى أخرى خمسة آلاف دولار، وهي أرقام متباينة حسب قوله، ولكنها تكشف حقيقة العرض والطلب المتفاوتين، وأيضاً توشر إلى وجود مبالغات في الأسعار، وصلت حد المزايدات من قبل من يمتلكون السيولة المالية، والذين باتوا يفضلون العقار كنوع من الاستثمار أو الادخار.
وتتفاوت أسعار الأراضي بين منطقة وأخرى في المحافظة، تبعاً للعديد من العوامل، يأتي في مقدمتها العرض والطلب إضافة إلى الموقع الجغرافي للمنطقة، وأيضاً موقع الأرض والخدمات المقدمة لها من ماء وصحية وكهرباء وطرق معبدة.
فرق بين الحقيقية والرائجة
وأضاف الشحادة: “ثمة فرق بين الأسعار الحقيقية للأراضي وبين الأسعار الرائجة، ففي بعض المناطق التي تسجل فيها طلباً مرتفعاً على أراضي البناء، تتغلب القيمة الرائجة على السعر الحقيقي، وتشهد عمليات البيع نوعاً من المزايدات وصولاً إلى أرقام مبالغ فيها أحياناً ولا تعكس حقيقة الأسعار”، لافتاً إلى أن للمغتربين اليد الطولى في تحديد سقف الأسعار، في وقت ظل المواطن العادي خارج هذه المعادلة لعدم قدرته على مجاراة الأسعار وارتفاعها ما وضعه في موقف المتفرج فقط.
وأشار المخمن إلى أن الأسعار الحالية شجعت أصحاب الحيازات الصغيرة على بيع جزء من حيازاتهم للحصول على السيولة لتنفيذ مشروع سكني على الجزء المتبقي، وهي من الأفكار التي راجت مؤخراً مع اضطرار البعض للسكن وافتقادهم السيولة اللازمة.
500 مليون للدونم
ووفقاً للأرقام التي واكبتها “الحرية”، شهدت أسعار الأراضي في المحافظة قفزات سعرية متتالية على مدى السنوات الماضية، إذ ارتفع سعر دونم أراضي البناء بمعدل تجاوز ١٠٠ ٪، فقد وصل في بعض المناطق إلى ٥٠ ألف دولار، ما يعادل ٥٠٠ مليون ليرة، وذلك بالمقارنة مع مليون ليرة عام ٢٠١٠، أي ما كان يعادل حينها ٢٢ ألف دولار تقريباً، ما شكل بالتالي إرباكاً لسوق العقارات.
أكثر من ٥٠٪ من تكلفة البناء
بدوره أوضح المتخصص بالشأن العقاري المهندس أيمن السعد أن سعر الأرض يعادل أكثر من ٥٠٪ من تكلفة البناء، فيما يتوزع النصف الآخر كتكاليف مباشرة، وبقياس هذه المعادلة يمكن توضيح أثر ارتفاع أسعار الأراضي على أسعار العقارات التي تضاعفت هي الأخرى بنسب مماثلة.
إعادة النظر بالمخططات التنظيمية..
ولجهة الحلول المقترحة، أشار السعد إلى ضرورة إعادة النظر بالمخططات التنظيمية داخل الوحدات الإدارية وتوسعتها كلما اقتضت الحاجة، بما يتيح زيادة في عرض الأراضي المعدة للبناء، ويسمح تالياً بحدوث انخفاضات سعرية، لافتاً إلى أن ضح مزيد من الاستثمارات في القطاع العقاري وتسريع إطلاق مشاريع إعادة الإعمار في الإسكان والبنية التحتية، سيعطي أسعاراً توازنية تعكس واقع التكاليف والعرض والطلب، ما يسهم في استعادة السوق لوضعها الطبيعي.