مسارات الثقة والتفاؤل تتعزز.. اجتماع أوروبي الإثنين يعلق رسمياً العقوبات على قطاعات المصارف والطاقة والنقل

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – مها سلطان:

خطوة واسعة على مستوى رفع العقوبات عن سوريا سيتخذها الاتحاد الأوروبي في اجتماعه بعد غدٍ الاثنين، تتعلق بثلاث قطاعات حيوية هي المصارف والطاقة والنقل، حيث سيتم تعليق العقوبات المفروضة على هذه القطاعات رسمياً.

لو لم يكن الأوروبيون على قناعة وثقة بأن السوريين متفائلون ويدعمون قيادتهم لما عمدوا إلى توسيع خطوات رفع العقوبات

وكانت الأخبار حول هذه الخطوة تواترت طيلة الأسبوع الماضي وبصورة رفعت درجة تفاؤل السوريين، خصوصاً وأنها ترافقت مع تصريحات لمسؤولين أوروبيين توكد أن الاجتماع سيتخذ فعلياً هذه الخطوة، مشيرين إلى أن الطيران المدني السوري سيعود إلى المطارات الأوروبية قريباً كجزء من خريطة رفع العقوبات التي توافقت عليها دول الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي.

وكان مستشار رئيس الهيئة العامة للطيران المدني السوري سامح عرابي نوه – أمس- بأهمية هذه الخطوة، قائلاً: إن فتح المطارات الأوروبية أمام الرحلات السورية بادرة جيدة، مشيراً إلى أن ألمانيا طلبت رحلات منتظمة مع دمشق.

ورغم أن المراقبين توقفوا عند تصريحات المسؤولين الأوروبيين بأن هذه الخطوة يمكن الرجوع عنها «في حال خالف قادة سوريا الجدد مسارات داخلية التزموا بها» إلا أن هذا لا يلغي أهمية الخطوة وأنها ستتوسع باتجاهات أخرى في المستقبل القريب. هناك ثقة وتفاؤل بذلك لعدة أسباب، أو لنقل لعدة معطيات تسندها على الأرض وتدفع باتجاه توسيع الخطوات الأوروبية على مستوى رفع كامل العقوبات المفروضة على سوريا:

التحول في سوريا لا يضعها في موقف الأضعف بل في موقع تدوير التفاوض الذي تجيده القيادة الجديدة وهذا ما يدركه جيداً الأوروبيون وغيرهم

1 – لو لم يكن الأوروبيون على قناعة وثقة بأن سوريا بقيادتها الجديدة هي على الطريق الصحيح لما تم توسيع الخطوات رسمياً على مسار رفع العقوبات.

2 – رغم أن الاستمرار في بث رسائل الطمأنة للخارج هو جزء مهم من استراتيجية القيادة السورية الجديدة لما فيه مصلحة البلاد وأهلها بالدرجة الأولى، إلا أن القضايا الداخلية، خصوصاً الأمن والسلم الأهلي والمشاركة السياسية، هي قضايا على رأس الأولويات، ولا تنظر إليها القيادة الجديدة باعتبار أنها شروط دولية يتوقف عليها مسار رفع العقوبات (واستعادة التعاون والعلاقات بشكل عام). هذه القضايا هي على رأس أولويات كل دولة، ومنها سوريا. وإن كانت القيادة السورية لا تتطرق إلى مسألة (الشروط الدولية) فلأن الاهتمام يتركز بصورة أساسية على الهدف النهائي (رفع العقوبات) وعلى وسائل تحقيقه، وعلى مسألة أن الاهتمام بالقضايا الداخلية قائم ضمن مسارات صحيحة، وإن كان بعضها يأخذ وقتاً، وهذا أمر طبيعي في سياق عملية بناء الدولية واستعادة مقدراتها.

3- مع استمرار التصريحات الدولية حول مراقبة (وتقييم) مسارات القيادة السورية الجديدة، ومع أهمية هذه المسألة، في سياقاتها الصحيحة وأهدافها الإيجابية، إلا أن الأهم منها موقف السوريين فهم المعيار والمقياس، ولو لم يكن الأوروبيون على قناعة وثقة بأن السوريين متفائلون ويدعمون قيادتهم لما عمدوا إلى توسيع خطوات رفع العقوبات.

4- أياً يكن ما يُقال عن الأهداف الأوروبية وراء استمرار ربط الشروط بتوسيع مسار رفع العقوبات، إلا أن هذا لا يقلل من أهمية الخطوات الأوروبية في هذا المجال، ولا يضع هذا الربط في دائرة الاتهام الكلي بهدف الضغوط والابتزاز والاستحصال على تنازلات سياسية واقتصادية (وإقليمية) إذا ما افترضنا إن هذا الربط يأتي مرهوناً بتحقيق مصلحة الشعب السوري وأمنه وسلامه الذاتي والاقتصادي. وإذا ما أخذنا هدف الضغط والابتزاز فإنه -في معطيات كثيرة- لا يَصُح بصورة كاملة في ظل التوافق في الكثير من الرؤى والمسارات بين سوريا الجديدة والعديد من الدول، خصوصاً الأوروبية.. وأيضاً في ظل التموضع الجيوسياسي الجديد لسوريا وبما يدفع مسار الضغوط والابتزاز إلى الحد الأدنى.

5- لنتفق -إلى حين وحتى يثبت العكس- على أن نسمي توجه الأوروبيين نحو سوريا، بأنه توجه المصالح المشتركة. وعلى أن التحول في سوريا، لا يضعها في موقف الأضعف، بل في موقف تدوير التفاوض، وهو ما تجيده القيادة الجديدة، على قاعدة أن سوريا بتموضعها الجديد لم تفقد كامل أوراقها، بل هي أعادت خلطها إقليمياً وبما يعطيها قوة على مستوى التفاوض أوروبياً (ودولياً). الأوروبيون (وغيرهم) يدركون ذلك جيداً، وهم لا يتوجهون إلى سوريا باعتبارها في موقف الأضعف، ولكن في موقف أنها تتفاوض وتعمل في سبيل تقوية جبهتها الداخلية لاستعادة الموقع والمكانة والدور. وربما تتجاوز رؤية الأوروبيين هذا المستوى باتجاه أن سوريا تستطيع بدورها فرض الشروط .. لنذكر هنا بإمكانية الاتجاه نحو تعديل التموضع قليلاً. ولنذكر أن سوريا ما زالت تمتلك أوراقاً إقليمية مهمة.

ولنذكر أن لسوريا الجديدة تحالفات إقليمية لا يُستهان بها.

هذا وغيره ما يمكن أن نذكّر به، لا بد أنه حاضر في أذهان الأوروبيين وغيرهم، وهو بلا شك حاضر في الاتصالات والزيارات. مع ذلك فإن سوريا بقيادتها وشعبها ينظرون بكثير من الأهمية والتفاؤل، ومن الرغبة في استمرار التعاون وفي تعزيز العلاقات السورية- الأوروبية، وهذا ما يلمسه الأوروبيون بصورة عملية.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار