الحرية_ رشا عيسى:
يمثل التعاون مع صندوق النقد العربي”خطوة إيجابية وجيدة” في مسار إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري، لكن في الوقت ذاته يتطلب التعافي الكامل إجراءات جريئة لإنهاء سياسة “حبس السيولة” وجذب الودائع الأجنبية.
الباحث الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس قدم لـ ( الحرية) تحليلاً حول التحديات التي تواجه القطاع النقدي السوري، وسبل تفعيل دوره كشريك أساسي في بناء الاقتصاد الوطني.
خبير اقتصادي : ضرورة إنهاء “حبس السيولة” لجذب تحويلات المغتربين
تحديات الثقة الدولية والإرث السلبي
الجاموس لفت إلى أن رفع العقوبات الدولية عن بعض المؤسسات لا يعني بالضرورة استعادة الثقة الكاملة في البنك المركزي أو السياسة النقدية السورية، لكنه خطوة نحو الأمام، موضحاً أن الثقة الدولية تبقى “خاصة بكل بنك مراسل” ضمن منظومة سويفت، وتتطلب وقتاً لإعادة بنائها.
وأشار إلى أن القطاع المصرفي يعاني من إرث كبير من الضعف والعقوبات، بالإضافة إلى انعدام الثقة المحلية قبل الدولية، ما يعيق سهولة إجراء التحويلات المصرفية.
أهمية التوجه نحو البيئة العربية
ورأى الجاموس أن التحول نحو صندوق النقد العربي (المؤسس عام 1976)، الذي يهدف إلى مساعدة الدول التي تعاني من عدم استقرار في سعر الصرف وضعف في قطاعها المصرفي، هو خطوة إيجابية.
وأكد أن اللجوء إلى البيئة العربية ومحاولة إحياء التجارة البينية، وإجراء التحويلات عن طريق البنوك المركزية يمثل “خطوة أولى جيدة” نحو استعادة الثقة بين القطاع النقدي السوري والبنوك المراسلة.
متطلبات إعادة بناء الشريان الاقتصادي
وشدد الباحث الاقتصادي على أن إعادة بناء “شريان الاقتصاد الوطني” المتمثل في القطاع المصرفي تتطلب دعماً خارجياً فورياً، أبرزها:
1. إيداعات أجنبية داعمة: لا بد من تقديم مساعدات أو ودائع بالعملة الأجنبية (مثل الريال السعودي والدرهم الإماراتي) للبنك المركزي، لتمكينه من التدخل في الأسواق وضبط سعر الصرف.
2. تكوين الكتلة النقدية: هذه الودائع تعزز سيولة البنوك، ما يمكنها من إعادة بناء الثقة وخلق الودائع، وبالتالي تكوين كتلة نقدية قادرة على التحول إلى آلية القروض، التي تعد الشريك الأساسي في بناء المشروعات الإنتاجية.
ضرورة إنهاء “حبس السيولة” لجذب تحويلات المغتربين
وأكد الجاموس أن تحويلات المغتربين، التي كانت وما زالت داعماً أساسياً لليرة السورية، تتم حالياً عبر السوق الموازية وشركات غير مرخصة، ولن يتم تحويل هذه الأموال عبر القنوات الرسمية إلا إذا تم التخلص من سياسة حبس السيولة، ومنح حرية السحب والإيداع للعملاء والمودعين ما يعيد الثقة بالمصارف المحلية.
كما دعا إلى اتخاذ إجراءات “جريئة” في هذا الصدد، مؤكداً أن بناء الثقة بالقطاع المصرفي أهم من النتائج المرجوة من سياسة حبس السيولة (وهي تحقيق استقرار سعر الصرف).
تحديات هيكلية تهدد الاستقرار النقدي
ولفت الدكتور الجاموس إلى التحديات الهيكلية التي تواجه القطاع النقدي، ومنها: غسيل الأموال الذي يؤثر بشكل كبير في عدم التوازن في السوق النقدي، وهو مبني على إرث مرتبط بـ “تجارة المخدرات والأسلحة” من عهد النظام الساقط.
وأيضاً السيولة المكتنزة، حيث إن هناك كمية تتجاوز 40 تريليون ليرة سورية خارج سيطرة البنك المركزي، بالإضافة إلى ما يقدر بـ 200 مليار دولار هي أموال مكتنزة لدى السوريين كان يجب أن تكون ودائع في البنوك.
وشدد الجاموس على ضرورة العمل المستمر على معالجة هذا الإرث السلبي، مؤكداً أن إعادة بناء الثقة بالقطاع المالي هي ضرورة قصوى لبناء الاقتصاد الوطني.