الحماية الذكية .. الحل لمساعدة الصناعة  للإنطلاق  للأسواق العالمية بثقة

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – هناء غانم:

تقف الصناعة السورية اليوم عند مفترق طرق حاسم، فإما أن تنهض قفزاً نحو اقتصاد السوق الحر التنافسي، أو تبقى رهينة ضعف الوظيفة الإنتاجية والاعتماد على الدعم، الفرصة أمامها ليست مجرد استقرار، بل انطلاق نحو العولمة الصناعية، التشريعات الحديثة وإن لم تكن كافية بمفردها، تُعدّ البوّابة التي يمكن أن تمرّ منها الصناعة إلى عصر جديد.

الخبير الاقتصادي الدكتور عبد المعين مفتاح أوضح في تصريح لـ”الحرية ” أنه في بداية الانتقال إلى اقتصاد السوق الحر، يُفترض أن تؤدي البيئة المفتوحة إلى اندماج الصناعة المحلية في سلاسل القيمة العالمية، وتعزيز التنافسية، وزيادة الإنتاج والتصدير، لكن الواقع في سوريا اليوم يشير إلى تراجع واضح في القطاع الصناعي، حيث لا يتجاوز النمو المتوقع لعام 2025 نسبة 1%، وينخفض مؤشر الإنتاج الصناعي العام بمعدل تجاوز 10% في السنوات المتتالية، وفق بيانات البنك الدولي.

صعوبات كبيرة وأمل لا يزال موجوداً

وبحسب الدكتور مفتاح، ليست صناعتنا على حافة الهاوية، بل على عتبة النهضة”، ويرى أن ما نعيشه اليوم ليس مجرد أزمة عابرة، بل فرصة حقيقية لتحديد المصير، إما أن ننطلق نحو آفاق السوق التنافسي بجرأة، أو نبقى أسرى ثقافة الدعم والجمود.

مضيفاً: التعديلات التشريعية الأخيرة، على الرغم من أنها ليست حلولاً سحرية، إلا أنها تمثل المفتاح الذي قد يفتح الباب لعصر صناعي جديد، إذا ما أحسنّا استخدامها.

الكهرباء صدمة قد توقظنا

ويرى مفتاح أنه من القرارات المؤثرة التي قد تغير وجه الصناعة السورية، قرار تعرفة الكهرباء الذي صدر في 30 تشرين الأول 2025، والذي سيرتفع تكاليفه في أربع شرائح، هذا القرار هو جزء من خطة إصلاح واسعة للنظام الكهربائي، والذي يعاني من خسائر تصل إلى مليار دولار سنوياً، بالنسبة للصناعي، هذا القرار يعني ضغطاً مباشراً على هوامش الربح بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، ولكنه في الوقت ذاته، صفعة تحفيزية تدفع نحو التحديث والتجديد في القطاع الصناعي.

احديات كبرى تواجه الصناعة السورية

ارتفاع تكاليف الكهرباء والوقود وسعر الصرف المرتفع يجعل التشغيل الصناعي غير منافس، وكذلك الرسوم الجمركية المرتفعة على المواد الخام والآلات المستوردة تُثقل كاهل الصناعيين، وهجرة الكفاءات والخبرات تفقد الصناعة القدرة على التطوير الذاتي ، وبطء تنفيذ التشريعات الحديثة يعوق التقدم.

تشريعات جديدة.. بوابة الإصلاح أو مجرد أمل مؤجل؟

من أبرز التعديلات التي تمّت على قانون الاستثمار السوري رقم 18/2021 في 2025، والذي يشمل إنشاء صندوق سيادي لتطوير الاقتصاد وتوسعة نطاق الاستثمار، تمّ أيضاً طرح مسودة قانون المالية والضرائب لعام 2026، والتي تهدف إلى تبسيط النظام الضريبي وتحويله إلى ضريبة دخل موحدة.

وبحسب الخبير الاقتصادي عبد المعين مفتاح، “نحن بحاجة إلى تنفيذ سريع وفعال لهذه التشريعات لضمان الوصول إلى بيئة استثمارية جاذبة وقادرة على إحداث تحولات حقيقية في القطاع الصناعي”.

وفي سياق الإصلاحات، يعتقد الدكتور مفتاح أن “الحماية الذكية” هي الحل لمساعدة الصناعة على الانطلاق إلى الأسواق العالمية بثقة، ويشمل ذلك إعفاءات مؤقتة لاستيراد خطوط الإنتاج، تخفيضات ضريبية مرنة، وتسهيلات في الطاقة للصناعات التصديرية.

خارطة الطريق.. كيف ننهض بالصناعة السورية؟

على الحكومة أن تتحرك بسرعة لتنفيذ اللوائح التنفيذية اللازمة خلال 90 يوماً، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج دعم للطاقة يكافئ المصانع المصدّرة، وإعفاءات جمركية تستهدف التحديث التكنولوجي .

بناء تحالفات دولية مع مستثمرين ذوي خبرة في الأسواق العالمية.

وأفاد د. مفتاح بأن الرحلة نحو الصناعة السورية القوية، من الأشهر الستة إلى الخمس سنوات أي في غضون الأشهر الستة الأولى، يجب على المصانع أن تبدأ بتقييم شامل وإعادة الهيكلة، وفي خلال سنتين من التشغيل التجريبي، يمكن الانطلاق نحو التصدير، وبعد خمس سنوات، نكون قد حققنا صناعة سورية تصديرية بعلامة تجارية وطنية”.

موجهاً رسالة لكل صناعي سوري: مصنعك الذي تراه اليوم مثقلاً بالتكاليف، يمكن أن يتحول خلال ثلاث سنوات إلى منصة تصدير تشغل مئات العائلات، وتُدخل العملة الصعبة، وتبني مجداً جديداً لسورية، الفرصة بين يديك، والأدوات على الطاولة، والباب مفتوح، ولكن النافذة لن تظل مفتوحة إلى الأبد.

في كل مناسبة، تقوم الحكومة السورية وكافة مسؤوليها بوضع المملكة العربية السعودية في طليعة الدول الحليفة والداعمة، وهو ما يجب أن يركز عليه أصحاب الفعاليات الاقتصادية الصناعية في سوريا، من المهم تشكيل تحالف إيجابي قوي مع المستثمرين السعوديين، وهو ما سيكون مدعوماً من قبل الحكومة السورية لتأمين مستقبل صناعتنا.

Leave a Comment
آخر الأخبار