مسلسل تحت سابع أرض.. صراع المال والسلطة

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- بديع صنيج:

أكثر ما يميز مسلسل “تحت سابع أرض” (تأليف عمر أبو سعدة، إخراج سامر برقاوي) هو محافظته على مستوى عالٍ من التشويق منذ الحلقة الأولى، وقدرته على الموازنة المستمرة بين تطور الأحداث المتسارعة وتعزيز البنية النفسية للشخصيات ضمن المتغيرات التي تطرأ عليها، إضافة إلى إيجاد المعادلات البصرية المميزة للعبة المال والسلطة التي لم تفتأ تلقي بظلالها على أبطال العمل من صغيرهم إلى كبيرهم.
نص (أبو سعدة) ينطلق من كمين وقع فيه المقدم موسى (تيم حسن) مع أعضاء دوريته، أدى إلى وفاة بعضهم وشظية ظلت ملازمة لرأس المقدم، لكنه لم يكن الكمين الوحيد له، إذ تم إقصاؤه بعد الحادث إلى أحد المخافر الحدودية في حلب، لأنه خالف أوامر قيادته المتعاملة مع عصابات تزوير العملة، وتالياً تأخير ترفُّعه، بينما زملاؤه سبقوه بمراحل في الرُّتب العسكرية.
الكمين الآخر الذي يجد موسى نفسه فيه بعد عودته للعيش في دمشق يتجلى بتورُّط أخيه زين (أنس طيارة) وأخته رنا (رهام قصار) في عمليات تزوير الدولار، مستغلين خبرتهما في مطبعة الناجي الخاصة بوالدهما، والتَّحوُّل من طباعة الكتب المُفيدة للآخرين، إلى طباعة العملة المزورة التي تضر باقتصاد البلد عموماً، وكل ذلك تم نتيجة استغلال جارهما العجَّان (تيسير إدريس) صاحب إحدى شركات الصرافة حاجتهما للمال، إذ كان يزودهما بأنواع خاصة من الورق، ويهتم زين بأدق التفاصيل المرسومة على العملة بما فيها خط الأمان، وباستخدام أحبار خاصة تتم عملية الطباعة، التي لا تكتمل إلا بنوع خاص من التهشير، الذي كانت تقوم به “بلقيس” (كاريس بشار) صاحبة محل “بالة”، إذ تقوم بغسل العملة وتنشيفها لتحقيق المطلوب.
بعد ذلك يخوض موسى صراعاً كبيراً بين محاولته الحفاظ على حياة إخوته، وبين رغبته في الكشف عن ممارسات العجَّان وزجّه في غياهب السجون، إلا أنه وبسبب تسجيلات مصورة من داخل المطبعة لأخيه يزن وأخته رنا وهما يشتغلان بالتزوير، يرضخ لرغبة العجان في أن ينهي الطلبيّة، ليفتح بعدها صفحة جديدة خالية من أي ورطة جنائية لإخوته أو له، لكن الأمور لم تجر كما أرادها موسى، إذ يتفق زين مع سعيد مصطفى (سليمان رزق) على سرقة الأموال المزورة أثناء نقلها بوساطة أخيه مهيب مصطفى (مجد فضة)، ومن ثم الهرب إلى بيروت، لكن ملاحقة أفراد شبكة العجان لهما يؤدي إلى انقلاب سيارتهما ومقتل سعيد، وإصابة زين إصابات بالغة تطلبت عملية عاجلة لتبديل مفصل ذات تكاليف باهظة، يضطر إثرها موسى للاستفادة من الأموال المزورة لعلاج أخيه، وذلك بعد أن تعاون مع أعضاء عصابة الخانوم دلال (منى واصف) في تنظيف الأموال وتصريفها.
يتصاعد التوتر مع رغبة العجان بالانتقام، وصراع موسى مع وضعه المادي بعدما شاهد زملاء له باتوا فوق الريح بسبب فسادهم، لذا يقرر أن ينجز مع إخوته ومع بلقيس صفقة جديدة من طباعة الدولار المزور في مكان مهجور نقل إليه آلات الطباعة بعدما أوهم العجان وأفراد شبكته بأنه باعها إلى أحد التجار. يكتشف العجان أمرهم ويبدأ مراقبتهم، وفي خضم الأحداث يستقدم الأمن الجنائي المقدم فجر “جوان خضر” لخبرته الطويلة في كشف شبكات تزوير العملة، ورغم محاولات موسى تضليله، إلا أنه يصل أخيراً إلى مصدر الورق الخاص بالطباعة، وأثناء التحقيق معه يفتعل موسى إنذاراً كاذباً لحريق في مبنى الأمن، فيضطر فجر لإيداع تاجر الورق في النظارة، وهناك يلقى حتفه على يد أحد أفراد عصابة الخانوم.
تتوالى الضغوطات على موسى ومنها خسارة صديقه (بيدرو بارصوميان) حين قتله زين لأنه اكتشف مكان المطبعة، ثم خضوعه للتحقيق والسجن نتيجة إيمان فجر بفساده، لكنه يخرج بعد أشهر قليلة، وبعد أن يصبح تحت حماية الإمبراطور (عبد الفتاح مزين)، لذا فإنه يتخلى عن سلك الأمن الجنائي، ويصبح صاحب شركة لتصريف الأموال، ينافس العجان، ويتعامل مع صديقه القديم اللواء غسان (باسل حيدر) في صفقات تزوير جديدة، وفي محاولة الإطاحة بالمقدم فجر، كما أنه يتزوج بلقيس، ويصبح وكأنه ملك الدنيا، لكنه فقد مع إخوته رضا والدتهما (فيلدا سمور).
حلقات ممتلئة بزخم درامي كبير، شخصيات فريدة وأحداث تصاعدية وتشابكات معقدة في الحبكة تحسب للكاتب أبو سعدة، الذي استطاع أن يجعل من تزوير العملة موضوعاً درامياً غنياً، زاد من ألقه أداء تمثيلي مميز لجميع طاقم العمل، تحت إدارة المخرج سامر برقاوي الذي باتت بصمته الإبداعية لها نكهة خاصة، فلا لقطة مجانية، مع زوايا تصوير مميزة، وقدرة فائقة على إدارة الممثلين وفق الخطوط الدرامية المتشابكة، ما يمكنه من صناعة وصفة درامية فريدة في جمالها وامتلاكها مقومات الجذب الجماهيري.

Leave a Comment
آخر الأخبار