الحرية – مها سلطان:
من غير المعلوم ما إذا كان التصريح الأميركي الجديد اليوم الأربعاء، حول «الأمل بأن يكون تشكيل الحكومة الانتقالية خطوة إيجابية نحو سوريا شاملة وتمثيلية»، هدفه سحب مسألة «التعديل الدبلوماسي» لبعثة سوريا لدى الأمم المتحدة، من دائرة التداول والجدل، أم هو تكريس لحالة متعمدة من التضارب في التصريحات؟ ..الأمر نفسه ينطبق على «الترحيب بالإعلان الدستوري» الذي دوّنته السفارة الأميركية – اليوم أيضاً- عبر موقعها في منصة «إكس» وهو ما بدا مستغرباً خصوصاً أنه مضى على الإعلان الدستوري أكثر من شهر.
لا شك أن جديد التصريحات الأميركية يُعقّد القراءات بخصوص نيات واشنطن تجاه سوريا، فهي لا تكاد تثبت على تصريح واحد حتى يتبعه بعد أيام تصريح مناقض، ما يدفع للتأني في إعطاء قراءات محددة، أو لنقل فهم السياسات الأميركية، وربما علينا أن نأخذ بالاعتبار دائماً ما يُقال عن تيارين داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب يقودان السياسات تجاه سوريا، بين تيار متشدد وآخر يدعو إلى دعم السلطات السورية الجديدة.
وللتوضيح، ولأن الجدل القائم حول «التعديل الدبلوماسي» تحديداً يضعه في إطار عدم اعتراف أميركي بالسلطات السورية الجديدة.. نوضح بأن التصريحات الأميركية التي تُصنف إيجابية بصورة ما، كما هو حال التصريحين آنفي الذكر، لا تعني اعترافاً أو أن واشنطن على طريق الاعتراف، بل هي في سياق عملية طويلة من التجاذب والتداخل والضغوط والتفاوض، تسعى واشنطن لدفعها باتجاه النهايات التي تريدها.
هل تتعمد واشنطن إطلاق التصريحات المتناقضة حول سوريا؟
بكل الأحوال، وفيما مسار التضارب في التصريحات الأميركية سيستمر كما هو متوقع، فإن الزيارتين المرتقبتين للرئيس أحمد الشرع – إلى تركيا والإمارات- تحظيان بمزيد من الترقب والاهتمام، وكانت تركيا كشفت أمس عن تفصيل مهم بخصوص زيارة الشرع التي تبدأ بعد غدٍ الجمعة، يتعلق بمشاركته في منتدى أنطاليا الدبلوماسي الدولي، وفق المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية (الحاكم) عمر تشيليك الذي أكد مشاركة الرئيس الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في المنتدى «الذي يجمع قادة عالميين لمعالجة القضايا العالمية العاجلة واستكشاف استراتيجيات جديدة لتعزيز الدبلوماسية في أوقات الأزمات، مثل الصراعات والإرهاب والهجرة وتغيّر المناخ وانهيار النظام الدولي».
ومن المتوقع أن ينطلق المنتدى بنسخته الرابعة بعد غدٍ الجمعة (ويستمر ثلاثة أيام) مع بدء زيارة الرئيس الشرع لتركيا، ومن هنا تنطلق أهمية المشاركة، حيث يشكل المنتدى بوابة دولية أخرى أمام سوريا لتوسيع حضورها الإقليمي والدولي، وعرض سياساتها وتوجهاتها، إلى جانب ما تواجهه من تحديات ومخاطر خصوصاً مع تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية وإقحام إسرائيل لتركيا فيها على قاعدة المخاطر التي تشكلها العلاقات السورية_ التركية على إسرائيل ولا سيما في الجانب العسكري (ومن المتوقع أن يعقد مجلس الأمن الدولي يوم السبت المقبل جلسة بخصوص هذه الانتهاكات).
وكانت تركيا تلقت دعماً مهماً ومباشراً من ترامب فيما يتعلق بالتهديدات الإسرائيلية لها ولتطوير العلاقات مع سوريا، وذلك خلال لقاء ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن أمس الأول، حيث أعلن ترامب دعمه للرئيس رجب أردوغان، مطالباً نتيناهو أن يكون «منطقياً» رداً على قول نتنياهو إن إسرائيل «لا تريد رؤية تركيا تستخدم الأراضي السورية قاعدة ضدها».
لا شك أن هذا الموقف الأميركي سيكون حاضراً في منتدى أنطاليا الذي يتناول في جدول أعماله الانتهاكات والتهديدات الإسرائيلية، ما يشكل فرصة أمام الرئيس الشرع لاستقطاب مزيد من الدعم الدولي لسوريا بمواجهة هذه الاعتداءات واتساع نطاقها.
وبالتوازي مع المشاركة في منتدى أنطاليا، فإن جدول أعمال زيارة الرئيس الشرع لتركيا يتضمن مختلف القضايا والتطورات في الآونة الأخيرة، حيث من المتوقع أن تكون هناك لقاءات له مع الرئيس أردوغان ومع مسؤولين أتراك.
وكان أردوغان أكد أمس أن بلاده ستواصل دعم سوريا من أجل إرساء الاستقرار فيها، مشيراً إلى أنه سيناقش مع زعماء الدول بمنتدى أنطاليا الدبلوماسي الرابع، سبل وقف الإبادة الإسرائيلية في غزة.