الحرية- علام العبد:
شكّلت مخلفات الحرب التي تركها خلفه النظام البائد في معظم الأراضي الزراعية في سوريا خطراً حقيقياً على المدنيين من أطفال وفلاحين، ولاسيما العائدين إلى مدنهم وأراضيهم الزراعية بهدف استثمارها ولسان حالهم يقول: (إجت الحزينة تفرح ما لقت لها مطرح)، بعدما تحولت تلك المناطق والأراضي بفعل الحرب إلى مفخخات موقوتة وصحراء جرداء قاحلة، وقد أدى انتشار الذخائر غير المتفجرة إلى وقوع حوادث مأساوية.
إن الحوادث التي وقعت مؤخراً في ريف إدلب أثناء عمليات حراثة وزراعة الأراضي الزراعية، وراح ضحيتها أبرياء خير دليل واضح على كارثة خطرة وواسعة تعانيها معظم المناطق في سوريا من جراء تكدس الألغام ومخلفات النظام البائد وما ارتكبه بحق المواطنين عندما زرع الخطر بدل الشجر، جاعلاً من ذلك خطراً طويل الأمد يهدد حياة المدنيين، ويقوّض الأنشطة الزراعية المختلفة، والتعليمية، وعودة الأهالي إلى بيوتهم ومناطقهم.
مع كثرة انتشار الذخائر غير المنفجرة من مخلّفات الحرب في الأراضي الزراعية شمال غرب سوريا كمحافظتي حلب وإدلب، وتهديد وجودها الكثيف حياة المدنيين والمزارعين، وخاصة في حالات حرث الأراضي الزراعية، والزراعة وجني المحاصيل في حال عدم الانتباه لتلك المخلفات، لكونها تشكل خطر انفجارٍ مفاجئاً، فقد استطاعت فرق الدفاع المدني السوري بالتعاون من الأهالي وأصحاب الأراضي الزراعية انتشال أطنان من الألغام غير منفجرة بهدف رفع الخطر المحدق عن المنطقة وأهلها.
جهود مضنية يبذلها عناصر الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بالتعاون مع الأهالي في مناطق انتشار مخلفات الحرب، ومن سنحت له الفرصة متابعة تلك الجهود يلاحظ حجم وعظمة العمل الملقى على عاتقهم، يلبون نداء إغاثة الملهوفين هنا وهناك مكثفين حملاتهم للكشف عن الأجسام المشبوهة، وهم يقدمون كلَّ غالٍ ونفيس لإزالتها حفاظاً على أرواح الأبرياء.
إن تجنيد كافة الطاقات والاستنفار من أجل استئصال الخطر القادم من مخلفات الحرب، بات أمر ضرورياً جداً، ولتكن جلسات التوعية للأطفال في المدارس والمزارعين والأهالي في التجمعات السكنية عن خطر هذه المخلفات وأهمية الابتعاد عن الأماكن الملوثة بها أول الغيث، وإبلاغ فرق الدفاع المدني السوري عن أي أماكن تعرضت للقصف، لتقوم بعمليات المسح وإزالة خطر هذه الذخائر المميتة النائمة في أراضينا الزراعية وملاعب أطفالنا.