مع الانخفاض الكبير في أسعارها.. أي خسارة تنتظر مزارعي البطاطا؟

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – محمد فرحة:

من يتمعن ويدقق أو يسأل مزارعي البطاطا عن حجم وهولِ الخسائر التي لحقت بهم خلال الأشهر الأربعة الماضية،  يدرك جيداً ما لحق بهم، وما يجري لواقعنا الزراعي منذ عقود، ليس لجهة البطاطا فحسب، وإنما لعدة محاصيل إنتاجية. هي قصة قائمة منذ سنوات من جراء التخبط العشوائي في مقدراتنا الإنتاجية الزراعية الغذائية الاقتصادية، ولا خشية اليوم من الإبقاء على ما كانت عليه في العقود الماضية، فكل الجهود تتجه اليوم لعودة حمّالة اقتصادنا وهي الزراعة، في ظل حكومة تدرك ما للقطاع الزراعي من دور .

وعند حصاد وجني زراعة العروة الربيعية لإنتاج البطاطا سيُدرُك المعنيون والقارئ صحة وصوابية  هذا القول، لماذا ؟

الجواب: إذا كان إنتاج العروة الخريفية وهو الذي لا يشكل شيئاً كبيراً  في الأسواق، نظراً لقلّة مردوديتها من جراء عمرها القصير في الأرض والذي لا يتعدى الثلاثة أشهر، زذ  على ذلك قلة مردودية  وحدة المساحة من هذه العروة، ومع ذلك  اُغرِقَ السّوق بالبطاطا المنتجة بالعروة الخريفية وما كان مخزناً من العروة الربيعية، ليباع الكيلو منه بألف وخمسمئة ليرة، في حين كان سعر كيلو البذار منه ضعفي هذا الرقم المذكور قبل أشهر.

إذاً المزارعون منذ الآن يتحسسون ويتلمسون خطورة وصعوبة ما قد يلحق بهم من خسائر مادية من جراء ذلك عند جني وطرح إنتاج العروة الربيعية ما بين شهري نيسان وأيار، والتي تشكل بيضة قبان البطاطا في الأسواق المحلية.

عدد من المزارعين تحدثوا لصحيفة الحرية بأنهم لم يجنوا إنتاج العروة الخريفية، فبقيت في الأرض بسبب أسعارها المتدنية في الأسواق، ويباع أفضل نوع منها بألفي ليرة وفي أحسن الأحوال زد عليها ٥٠٠ ليرة، في وقت  وصل سعر الكيلو منها قبل أشهر إلى ١٢ ألف ليرة.

ويوضح مشهد باعة البطاطا الجوالين في سياراتهم في الأحياء وهم ينادون لبيعها بسعر ١٥٠٠ و١٨٠٠ ليرة حجم الخسائر، رغم أن هناك تكلفة باهظة قد صرفت على المحصول، بدءاً من شراء البذار  وزراعته والأسمدة وثمن العبوات وجني المحصول ونقل، ليباع بسعر بخس!

صحيح نحن بأمس الحاجة أن ننتج لكي يزدهر اقتصادنا ويتعافى وينتعش المزارعون والمستهلكون في آنٍ معاً، لكن أن يخسر المزارع توالياً، فهذا يدفعهم للتريث وأن يعد للمليون قبل أي خطوة مماثلة.. فلو كان لدينا شركات تسويقية، والتي طالبنا بها منذ سنوات وسنوات، بحيث تستجر المنتج من المزارعين وتخزنه في مستودعات ومن ثم هي من يُحسِن طرحه في الأسواق لتحافظ على الأسعار ، فلو كان لدينا مثل هذه الشركات التسويقية لما تعرض أو يتعرض المزارعون للخسائر  المتلاحقة.

التنمية في مفهومها السلعي

من المعروف أن التنمية في مفهومها السلعي الذي يتجسد في دمج الإنتاج بمعدل يوازي معدل الاستهلاك، إذاً لابدَّ  من الدفع الكمي من الإنتاج المحلي ليسد حاجة السوق فقط، وليس ليعرضه للكساد ويلحق بمزارعيه الخسائر، وهذا يتطلب دراسة كافية ووافية لحاجة السوق، وما هي المساحات التي يجب أن تُزرع، وكل فائض يجب أن يُصدر، لا أن نستورد  منتجاً ونحن من زارعيه، كما فعلت الحكومة السابقة يوم صدَّرت البصل المحلي، فوصل سعر الكيلو منه إلى ١٣ ألف ليرة، فأوعزت وأومأت لبعض التجار لاستيراده!

ومن المعروف أن المنتج السوري لا يساويه ولا يضاهيه مثيل من حيث النكهة في أضعف الأيمان.

ماذا سيحدث عند طرح العروة الربيعية ؟

هنا ستتوضح خسائر المزارعين أكثر وأكثر، فالمساحات التي تمت زراعتها كبيرة  نظراً لأسعار البطاطا في السوق المحلية يوم تم الاكتتاب على البذار المستورد، زد على ذلك، فمردود هذه العروة كبير في وحدة المساحة والذي لا يقل إنتاج الدونم عن ٢ طن  إلى 3 أطنان، وقد يزيد إن كان الاهتمام بالمحصول  أكبر وأشمل، ومن المعروف دائماً عند طرح المزيد من أي منتج  تنخفض أسعاره وفقاً لحديث رئيس شعبة حماية المستهلك في مصياف المهندس باسم حسن.

وزاد على ذلك بأن ما تشهده الأسواق من أسعار تنافسية هو من يتحكم بالبيع والشراء، أي العرض والطلب، فأي منتج يتوافر بكثرة ستنخفض أسعاره والعكس صحيح .

بالمختصر المفيد: مستقبلنا الزراعي الاقتصادي رهن الاهتمام والمراجعة ونقله من خانة التسيب والتقصير والإهمال إلى الواجهة، مع توفير كل مستلزماته، وإنشاء شركات تسويقية لشراء المنتج من المزارعين كي لا يتعرضوا للخسائر، وهذا ما بدأنا ندركه من الحكومة المؤقته اليوم. كي لا يبقى إنتاجنا من البطاطا وتذبذباته مستمراً خير دليل وخير مثال.

ناهيك بأنه لا يجوز استيراد أي منتج محلي مطروح في السوق المحلية، كي لا يضاعف خسارة المنتجين، وهذا ما كانت تفعله الحكومات السابقة كرمى لعيون بعض المورّدين.

Leave a Comment
آخر الأخبار