“مع قبض الزيادة”… حراك في الأسواق

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق
CREATOR: gd-jpeg v1.0 (using IJG JPEG v62), quality = 85?

الحرية- باديا الونوس:

بالتزامن مع قبض الراتب مع الزيادة الصادرة، شهدت الأسواق حركة نشطة ترافقت مع ارتفاع محدود في بعض الاحتياجات اليومية في الأسعار، وهذا السيناريو يتكرر مع كل زيادة، و نجد أن البعض من التجار على استعداد لاستغلال كل فرصة لتحقيق المزيد من الأرباح، ليبرز السؤال وما هو تأثيرها على الأسواق، هل من إجراءات جديدة يفترض أن تتخذها الجهات المعنية؟

من الواقع

تقول ليلى موظفة : الأسعار ارتفعت قبل قبض الراتب مع الزيادة، بدليل أن التاجر وضع تسعيرة جديدة للمواد الاستهلاكية اليومية على سبيل المثال المواد الاستهلاكية اليومية منها المنظفات طرأ عليها ارتفاع بين ألف و ١٥٠٠ ليرة، وهذا يختلف من مزاج بائع لآخر، أيضاً الفواكه والخضار طرأ عليها زيادة واضحة، من دون أن نلاحظ أي جولات رقابية في الأسواق .
ويعزو أبو إبراهيم صاحب محل (سمانة) الارتفاع الذي يطرأ في أسعار المواد إلى السوق المركزي أي من باعة الجملة، وتالياً هناك تكاليف النقل وأجور العتالة وغيرها، الأمر الذي يلزم الباعة الصغار برفع السعر لتعويض أي خسارة .

استقرار محدود

عبد الرزاق حبزة أمين سر جمعية حماية المستهلك أكد أن الأسواق شهدت حراكاً محدوداً، بسبب أن شريحة محدودة من قبضت الزيادة ، لكن ما حصل أن التاجر على أهبة الاستعداد لاستغلال أي فرصة تحقق لهم المزيد من الربح من المواطن بنسبة محدودة، على سبيل المثال المواد الخضار منها البندورة سعرها من المنطقة الإنتاجية 1500ليرة تباع بـ 4 آلاف وكذالك الباذنجان 4 آلاف ليرة ، وهذا ما ينسحب على مختلف تفاصيل حياتنا اليومية .
ويعزو حبزة رفع السعر لبعض المواد إلى تحرير الأسواق الأمر الذي ساعد على قوننة ما يسمى بـ(الربح الفاحش) وصار التاجر يمتص الزيادة والمدخرات وكل شيء, الأمر الذي أدخل المواطن ضمن دائرة العوز الحقيقي.
وأضاف يتم تسجيل العديد من الضبوط المخالفة التي منها غش وتدليس لكن لم يسجل ضبط واحد تحت مسمى الربح الفاحش وهذا ما نطالب بإدراج ضبط بهذا التسمية بمعنى مسموح الربح إلى حد معين، و على أرض الواقع نجد زيادة في أسعار بعض المواد الاستهلاكية واستقراراً في أسعار البعض الآخر .

ولفت إلى أن ارتفاع الأسعار طال حتى أصحاب المهن المختلفة أقل صيانة أو إصلاحاً صغيراً يصل لنحو 200 ألف ليرة.. وكأن المواطن هدف لكل من يعمل تحت مسمى السوق الحرة المنافسة. والمطلوب وفق حبزة الرقابة والمحاسبة لكل مخالف بعقوبات رادعة.

تؤدي إلى زيادة القوة الشرائية

يرى الباحث الاقتصادي د.محمد الكوسا أن الزيادة في الرواتب بنسبة كبيرة (مثل 200%) تؤدي إلى زيادة القوة الشرائية لدى العاملين، ما يرفع حركة الشراء في الأسواق، ويرتفع الطلب على السلع والخدمات. هذا يحسن النشاط الاقتصادي ويزيد أرباح التجار، ويفضي الى دوران المال في السوق بشكل جيد.
وأضاف : الجانب الثاني هو أن ارتفاع الطلب قد يرافقه ارتفاع في الأسعار بشكل كبير بسبب عدة عوامل مثل زيادة تكلفة الإنتاج والتوزيع، أو استغلال ارتفاع الطلب من قبل بعض التجار، ما يؤدي إلى التضخم. والمعروف أن التضخم يقلل من القوة الشرائية للمواطنين، خاصة الطبقات المتوسطة والفقيرة، ويضر بالقدرة على تأمين الاحتياجات الأساسية، وبالتالي تصبح الزيادة في الرواتب بلا فائدة حقيقية على المدى الطويل.

د. الكوسا : زيادة في النشاط الاقتصادي وهذا يفضي إلى دوران المال في السوق بشكل جيد

تبعات سلبية

يؤكد د.الكوسا أن تكرار هذا السيناريو مع كل زيادة في الرواتب يؤدي إلى تأثيرات سلبية مثل: ارتفاع معدلات التضخم، وتآكل مدخرات الأفراد، و ضعف الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين.
اذاً هل من إجراءات أو حلول يفترض أن تتخذها الجهات المعنية ؟
يقترح الباحث الاقتصادي د. الكوسا عدة حلول منها : وضع سياسات نقدية ومالية لضبط التضخم مثل التحكم في عرض النقود ورفع أسعار الفائدة بشكل مدروس، و تحسين إنتاجية الاقتصاد وكفاءة الأسواق لتلبية الطلب المتزايد دون ارتفاع مفرط في الأسعار،و دعم الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات لتقليل تأثير التضخم العالمي، و توفير شبكة أمان اجتماعي للفئات المتضررة، مثل دعم مباشر أو زيادة موجهة للسلع الأساسية، و ترسيخ مبدأ المنافسة في الأسواق لمنع الاحتكار ورفع الأسعار بشكل غير مبرر، و التنسيق بين الزيادة في الأجور والسياسات الاقتصادية لتجنب فجوات بين الأجور والأسعار.

وحتى نتمكن من كسر حلقة الزيادة المتكررة في الأجور مع ارتفاع الأسعار يتطلب الأمر تخطيطاً اقتصادياً متوازناً ولا يعتمد فقط على رفع الرواتب كحل وحيد. لافتاً إلى أن الزيادة في الرواتب تحفز الأسواق مؤقتاً لكنها قد تؤدي إلى تضخم ضار إن لم تصاحبها سياسات التحكم والسيطرة على التضخم مع الاجتهاد على تحسين الإنتاجية.
وبالنسبة لعامل رفع الأسعار من قبل التجار، يحدث ذلك غالباً بسبب محاولة التجار تعويض تكاليف الإنتاج أو الاستفادة من زيادة الطلب. عندما يزداد الطلب فجأة بسبب زيادة الرواتب مثلاً، قد لا يستطيع العرض التكيف سريعاً، فيلجأ التجار لرفع الأسعار، كما يُسهم ضعف الرقابة المحاية الشعبية والرقابة الحكومية في تمكين بعض التجار من رفع الأسعار، خاصة إذا كانت هناك مخزونات سابقة أو قلة منافسة في السوق.

صعوبات في ضبط الأسعار

وتطرق د. كوسا إلى الصعوبات التي تواجه الجهات المعنية في ضبط الأسعار بسبب عوامل منها: نقص الكوادر أو الإمكانيات للرقابة المستمرة على الأسواق،وضعف التشريعات أو تطبيقها في مواجهة الرفع غير المبرر للأسعار، و تعقيدات في سلاسل التوريد وتأثرها بعوامل خارجية مثل الأزمات العالمية التي تؤثر على تكاليف الشحن والمواد الخام،و ارتفاع أسعار السلع عالمياً وانعكاس ذلك على الأسعار المحلية، ما يضع الجهات في موقف صعب بين ضبط الأسعار ودعم السوق.

تحسين دور الجهات الرقابية

و للتعامل مع هذه المشكلة يحتاج الأمر وفق د الكوسا إلى تحسين دور الجهات الرقابية عبر: إجراءات صارمة ضد الاحتكار والرفع غير المبرر للأسعار، و دعم الاقتصاد المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد لتخفيف تأثير تقلب الأسعار العالمية، و رفع الأسعار من قبل بعض التجار يتفاقم بسبب ضعف الإجراءات الرقابية التي يجب أن تكون أكثر صرامة وفعالية مع وجود دعم اقتصادي لإيجاد توازن يجنب المواطن تداعيات ارتفاع الأسعار ويضمن استقرار السوق.

Leave a Comment
آخر الأخبار