الحرية- دينا الحمد:
من يتابع آلية التعاطي الدولي اليوم حيال سوريا يدرك تماماً أن اتجاه البوصلة العامة لمعظم قوى العالم هو نحو دعم الاستقرار السياسي في سوريا، واحترام سيادتها، والحفاظ على وحدة أراضيها، ودعم إعادة إعمارها، لأن مصلحة المنطقة برمتها هي باستقرار سوريا ووحدتها.
وقد شهدنا سمت البوصلة المذكور بأكثر من محطة وربما أكثرها وضوحاً كان في زيارة وفد مجلس الأمن الدولي إلى سوريا في الثامن من الشهر الجاري، ثم في مناقشته للأوضاع فيها منذ أيام، فرغم الخلافات التي كانت سائدة بين قواه العظمى خلال سنوات الثورة على النظام البائد، نرى اليوم اتفاقها على هذه العناوين واهتمامها بالتحولات على الأرض، ودعم الانفتاح الدبلوماسي لسوريا الجديدة.
والواقع إذا بدأنا من زيارة وفد المجلس الأخيرة إلى دمشق، والتي تزامنت مع الذكرى الأولى للتحرير، فسنجد أن المعاني التي تضمنتها تلك الزيارة كانت مهمة جداً، فقد حضر جميع أعضاء مجلس الأمن الأربعة عشر بمن فيهم كل الدول دائمة العضوية إلى دمشق، وهو ما اعتبره كثير من المحللين دعماً لسوريا الجديدة من الجميع رغم الرؤى المختلفة للدول دائمة العضوية حيال سوريا، بين من كان يؤيد النظام البائد ومن يعارضه.
ويرى محللون أن جميع أعضاء المجلس ينطلقون في سياساتهم من مبدأ ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها واستقرارها، فرغم خلافات الأعضاء الدائمين حول سوريا على مدى سنوات الثورة ضد النظام البائد، فإن الجميع اليوم يدعم استقرار سوريا لما لذلك من انعكاسات على أمن المنطقة واستقرارها، لا بل إن بعض تلك الدول بدأت بخطوات عديدة في رسم علاقات جيدة مع سوريا كما فعلت الولايات المتحدة حين رفعت العقوبات عن سوريا وألغت قانون قيصر، وأعلنت عن دعم دمشق ومكافحة الإرهاب.
والأمر ذاته انسحب على العديد من الأعضاء الدائمين وغير الدائمين بالمجلس ممن شرّع أبوابه لفتح صفحة جديدة من العلاقات أساسها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وإعادة الثقة وإرساء قواعد سياسية جديدة تعيد لسوريا مكانتها على الخريطة الدولية.
والواقع فإن هذه الخطوات لم تأت من فراغ بل نتيجة التحول الكبير الذي شهدته سوريا بعد التحرر من النظام البائد، سواء في ملف مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، أو بملف تعاون دمشق مع المجتمع الدولي لترسيخ السلام والاستقرار فيها، ناهيك عن دعم سوريا لخلو منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة الكيميائية واتخاذها جملة من الخطوات لترسيخ رؤيتها تلك.
وارتباطاً بهذه القواعد والأسس فإن القوى الدولية على اختلاف توجهاتها حيال سوريا ومصالحها معها بدأت برسم مقاربات جديدة في العلاقة مع دمشق وبما ينعكس إيجابياً على مسارات الأمن والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط برمته.