كلمة السر في “مكافحة الفساد”

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

بقلم يسرى المصري:
يتساءلون عن التجربة السورية بعد التحرير ؟  وماذا تعمل الدولة الجديدة من أجل إعادة النهضة لسوريا البعض يقول أنها تبدأ من إعمار وبناء النفوس لا سيما تلك التي كانت ذليلة وخاضعة وليس لها صوت.. والبعض الآخر يرى الدولة تنصب الأعمدة وتحذر من التصرفات السيئة الفاسدة والمثيرة للشبهات، وتدعوا السوريين للعمل والمشاركة لتحقيق النهضة الحقيقية عبر إظهار الإدارة الحكومية  والمجتمع المدني وكل الوزارات والهيئات والمؤسسات والقطاعات الخاص والعام والمهن والنقابات الجدية في مكافحة الفساد.. وتتوعد بإجراءات طالت حتى المقربين من الإدارة الجديدة ؟
تمثلت التجربة السورية في عناوينها العريضة ولا سيما فيما يتعلق بالرؤية الاستثمارية الجمع بين التخطيط الاستراتيجي الطموح والتنفيذ العملي الجريء، والعمل على إعادة الهيكلة وتوظيف الموارد البشرية والطبيعية لتأسيس قواعد إنتاجية متينة.
ما يميز الرؤية السورية إيمانها بأن النهضة الحقيقية تتحقق بالاعتماد على الذات والثقة بالشعب، وليس بالتبعية للخارج .
وهذا يتطلب العمل على مبدأ التضحية بجزء من الدعم من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية.. هذه الرؤية رغم انطلاقها ما تزال مثار جدل مستمر، وبصرف النظر عن مدى قبول هذا المبدأ، فإن نتائجه الملموسة في دول ناجحة على صعيد التنمية لا يمكن إنكارها
وبالعودة إلى مكافحة الفساد فتكاد الكلمات تخرج من عباءتها لشدة ما قيلت دون تنفيذ حقيقي والسبب أنَّ المعركة ضد الفساد تحتاج إلى النضال الطويل والمكلف والمؤلم من أجل النجاح”، يقول برتراند دو سبيفيل، صاحب كتاب Overcoming Corruption الذي يعد مرجعاً أساسياً في مجال محاربة الفساد؛ بمعنى أنه لا يمكن الحصول على نتائج ذات أهمية ناجعة ومثمرة دون “تحمّل وصبر” من مختلف المتدخلين، خاصة المواطنين الذين يشكلون الضحية الأولى للفساد.
وعلى سبيل المثال لا الحصر صدور قرار تسعير الكهرباء فمن المعلوم للسوريين أن عجز الكهرباء يشكل عبئاً كبيراً على الخزينة. وكانت الخسائر تقدر بمليار دولار سنوياً. فكانت الدولة  أمام خيارين صعبين: إما الاستمرار في سياسة الدعم غير المدروس والتي تؤدي إلى انهيار كامل للقطاع، أو اتخاذ قرارات جراحية مؤلمة لحد ما لضمان خدمة أفضل وغدٍ أكثر إشراقاً للمواطنين. وكان الخيار العمل على مسار الإصلاح لأنه المسار الوحيد المسؤول.
ولم يكن الهدف جني الإيرادات على حساب المواطن، كما يحاول البعض تصويره بل وقف النزيف في موارد الدولة. فكل ليرة إضافية سيدفعها المواطن ستعود مباشرة لتحسين خدمة الكهرباء التي يتلقاها، عبر صيانة المحطات وشراء الوقود وتمويل المشاريع الجديدة. وتركيب عدادات ذكية لتحقيق العدالة في الفوترة وترشيد الاستهلاك.
وهذه القرارات تنصب بطرق مباشرة وغير مباشرة الرؤى الوطنية لللاصلاح ومكافحة الفساد .
وقد تداولت الوكالات والقنوات المعتمدة تأكيدات وإجراءات مؤسسية تتعلق بتشكيل “لجنة للمكاسب غير المشروعة” و”صندوق ثروة سيادي” لجمع الأصول المستولى عليها من النظام البائد. أضف إلى محاربة الكسب غير المشروع. ونقاشات لتغيير ثقافة الفساد. واستغلال النفوذ. أو تحقيق مكاسب شخصية.
ويرى الكثير من السوريين في هذه الخطوات بداية لعقد جديد، ورسالة قوية لفرض الانضباط ومحاربة ثقافة الكسب غير المشروع وغنائم الحرب التي استشرت في عهد النظام البائد .
ولا شك أن الإجراءات التي اتخذها الرئيس أحمد الشرع ضد بعض أنصاره توضح رغبةً حقيقية في تطبيق القانون. ومع ذلك، فإن التحدي الحقيقي يكمن في وجود بنية مؤسسية قادرة على استئصال جذور الفساد العميقة، وتحول هذه الرغبة إلى سياسات مستدامة وفعالة تلمسها حياة المواطن العادي.

Leave a Comment
آخر الأخبار