ملتقى التعليم والتوظيف في دمشق: منارة علمية تعيد سوريا إلى خريطة المعرفة العالمية

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية- حسيبة صالح:

تستضيف دمشق أكبر معرض وملتقى للتعليم والتدريب والتأهيل وفرص العمل والتوظيف، في خطوة نوعية تعكس روح النهوض الوطني، بتنظيم من اتحاد الجامعات الدولي بالشراكة مع مؤسسة البجعة للمعارض والمؤتمرات، وبرعاية من وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي.
الجامعات في قلب دمشق… والعالم في غرفة واحدة
يضم الملتقى أكثر من 100 جامعة ومركز تدريب وشركة محلية ودولية، ويشكل منصة استثنائية تجمع الطلبة والخريجين مع المؤسسات الأكاديمية والمهنية، ما يتيح لهم فرصة مباشرة لاختيار تخصصاتهم، مقارنة البرامج، والتعرف على فرص التوظيف والمنح الدراسية.
رئيس اتحاد الجامعات الدولي البروفيسور محمد خير الغباني الحسيني، وصف الحدث بأنه “رد جميل لبلدنا وأهلنا في سوريا”، مشيرًا إلى أن المؤتمر يجمع الجامعات في مكان واحد لتيسير وصول الطالب إلى تخصصه وجامعته، ويوفر الوقت والجهد والمال، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها سوريا بعد 14 عامًا من الحرب والعزلة.
ويُعد اتحاد الجامعات الدولي مظلة أكاديمية عالمية تضم 217 جامعة و1700 أكاديمي من 60 دولة، ويعمل على معالجة مشكلات التعليم العالي، وتطوير التعاون بين الجامعات العربية والعالمية، وإدارة المؤسسات التعليمية بجميع مستوياتها. كما ينشط الاتحاد في تنظيم المؤتمرات والندوات والمعارض العلمية، وإنشاء مجلة أكاديمية، وتقديم خدمات تدريبية واستشارية، وله مقرات في تركيا ولبنان وأربيل ونيجيريا واليمن.

من قلب الحدث

الدكتور والإعلامي والمدرب الدولي أحمد طفش، أحد المشاركين في ندوة اليوم الأول، وصف الملتقى بأنه “درة الشام ومفخرة المفاخر في هذا العصر”، مؤكدًا أن سوريا اليوم بحاجة ماسة إلى التدريب، بل واقترح إنشاء وزارة خاصة للتدريب. وقال: “الانقطاع عن البشرية لمدة 14 سنة، عن الماء والكهرباء والتيارات الحضارية والأفكار الجديدة، جعلنا مبتورين عن العالم. وما استُحدث من الذكاء الصناعي والعلوم الاجتماعية لم نكن جزءًا منه. ولعمري، نظرت يمينًا ويسارًا، فلم أجد طريقًا يعيدنا إلى رحم العالم سوى التدريب ثم التدريب”.

وأضاف طفش أن المؤتمر يختصر على الطالب الوقت والجهد والمال، ويجعل العالم كله في غرفة واحدة، ويعزز التنافس بين الجامعات، حتى أن مجرد الإعلان عنه دفع الجامعات للتسابق للمشاركة فيه، خاصة أنه برعاية معالي وزير التعليم العالي، ما جعله منارة علمية ستتحول إلى منارات متعددة في المستقبل.

أما الدكتور عمار خدام الجامع، فقد رأى في المؤتمر فرصة تاريخية لسوريا التي تخرج من قمة الظلام والجهل إلى النور وانتشار العلم والمعرفة. وقال: “المؤتمر يفتح باب المنافسة الحرة الشريفة، ويتيح للطالب أن يختار الفرع المناسب له من خلال الاطلاع المباشر على الجامعات والبرامج، ويأخذ المعلومة من المصدر، ويقارن ويقرر ما يناسبه”.
وأضاف: “خلال جولتي في المعرض، ومن خلال التنظيم المميز، والتوقيت المثالي بعد صدور مفاضلة البكالوريا، لاحظت تعدد الجامعات الدولية والمحلية، وظهور اختصاصات جديدة تدخل السرور إلى قلوبنا.. نحن نسعى لتأمين كل ما يحتاجه الجيل من علم وأمان، ونعمل بالتعاون مع وزارة التعليم العالي على معالجة الصعوبات التي تواجه الطلاب، ومنها القرار الذي يسمح للطالب المغترب السوري بدفع الرسوم نفسها التي يدفعها الطالب المقيم، وهي بادرة جيدة لاستقطاب الطلاب للعودة إلى بلدهم والمساهمة في بنائه”.

وشدد خدام الجامع على أهمية العودة إلى الكتاب كمصدر موثوق للعلم، قائلاً: “الكاتب يضع اسمه وبصمته ومسؤوليته على ما يقدمه، بينما الإنترنت يتطلب بحثًا مضنيًا للوصول إلى المعلومة الموثوقة. علينا أن نعود أطفالنا منذ الصغر على القراءة، ونزيد ساعات المطالعة يومًا بعد يوم”.

نحتاج جسورًا جديدة

الدكتورة والكاتبة فتون عبد الله الصعيدي، منسقة اتحاد الجامعات الدولي في سوريا، أكدت أن أهمية المؤتمر تنبع من كونه حدثًا مفصليًا بعد مرحلة التحرير والانفتاح على العالم. وقالت: “الطلاب بحاجة ماسة للتعرف على جامعات جديدة، وهذا الملتقى يقدم لهم معلومات مباشرة عن الجامعات المشاركة، ويمنحهم فرصة للاختيار الواعي”.
وأضافت أن أبرز التحديات التي تواجه التعليم العالي في سوريا تتمثل في البنية التحتية المتضررة وهجرة الكفاءات الأكاديمية، مشيرة إلى أن المؤتمر يمثل إضافة مهمة تربط بين الجامعات وتبحث عن حلول للمشكلات التي يعاني منها الطلاب، كما يفتح آفاقًا جديدة للتوظيف والتأهيل.

فرص عمل ومنح

إلى جانب الجامعات، تشارك شركات سورية بارزة في تأمين فرص عمل للطلبة والخريجين، في خطوة تعزز التكامل بين التعليم وسوق العمل. كما أعلن اتحاد الجامعات الدولي عن سعيه لتقديم منح دراسية للطلبة السوريين، دعمًا لهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
المؤتمر الذي يعقد في فندق الشيراتون يومي 29 و30 أيلول 2025 من الساعة 12 ظهرًا حتى 9 مساءً، أيضًا يشهد توقيع اتفاقيات تفاهم بين الجامعات، وطرح مشاريع لتطوير المناهج الجامعية بما يواكب التطورات العالمية، من الذكاء الصناعي إلى العلوم الاجتماعية، في محاولة جادة لردم الفجوة المعرفية التي خلفتها سنوات الحرب.

نحو مستقبل يصنعه العلم والتكاتف

هذا الملتقى ليس مجرد فعالية تعليمية، بل هو إعلان صريح بأن سوريا بدأت تستعيد مكانتها العلمية، وتعيد بناء جسور التواصل مع العالم. هو دعوة لكل طالب، أكاديمي، ومهتم بالشأن العلمي ليكون جزءًا من هذه النهضة. فبالعلم تُبنى الأوطان، وبالتكاتف تُصان، وبالإرادة تُصنع المعجزات.

Leave a Comment
آخر الأخبار