الحرية– ماجد مخيبر:
النظام المصرفي واجهة الاقتصاد في أي بلد هو صمام الأمان وعصب الاقتصاد، كما أن نجاحه يساعد في الترويج للاقتصاد الوطني، وجذب الاستثمارات وتحقيق التراكم الرأسمالي، كما يعتبر أحد أهم الركائز الأساسية في عملية التعافي والتنمية الاقتصادية المنشودة.
الباحث الاقتصادي الدكتور فادي عياش قال: في سبيل استعادة الثقة بنظامنا المصرفي يجب تحديد أسباب ضعف الثقة المصرفية وبالتالي العمل على معالجتها لاستعادة الثقة كخطوة أولى ومن ثم تعزيز وتنمية هذه الثقة كخطوة ثانية.
وحالة عدم الثقة المصرفية تنشأ عادة، وفقاً لعياش في تصريح لصحيفتنا “الحرية”، كنتيجة للسياسات النقدية الخاطئة وفشلها في توظيف الأدوات النقدية (كالفائدة ومعدل الخصم والتمويل، الاحتياطيات، سعر اﻟﺼـرف، أسعار الأصول، اﻻئتمان، عمليات السوق المفتوح، اﻟﺘوﻗﻌﺎت)، في خدمة النظام المصرفي والمتعاملين معه والاقتصاد الكلي والمجتمع بالنتيجة.
ويضاعف من أثر ذلك بحسب الدكتور عياش الظروف الخاصة كالأزمات والعقوبات وسوء الأداء الاقتصادي وتراجع مؤشراته كالناتج الإجمالي المحلي، ومستويات التشغيل، ومعدلات البطالة، وميزان المدفوعات والميزان التجاري، ومستوى الدخل، والتضخم.
خبير اقتصادي: انعدام الثقة لا ينحصر بأزمة السيولة فقط بل تتعداها إلى أزمة اقتصادية مالية ونقدية أثرت في النظام المصرفي كله
فالوضع الحالي للثقة لا ينحصر بأزمة سيولة فقط، بل يتعداها إلى أزمة اقتصادية مالية ونقدية أثرت بشكل عميق على الثقة بالنظام المصرفي كله، وفاقم منها السياسات الانكماشية، وتقييد السيولة، والتمويل بالعجز، والركود التضخمي الجامح، بالإضافة إلى العقوبات الخارجية والحصار على النظام المصرفي.
الموجه للسياسة النقدية
وبالتالي فإن استعادة الثقة بالنظام المصرفي هي عملية متكاملة لا تقتصر على المصارف وحدها، إلا أن للسياسة النقدية تأثيراً مباشراً فيها، وهنا نكون أمام خيارين..
هل نبدأ من متطلبات التعافي الاقتصادي لتكون السياسة النقدية استجابة لها؟!
أم نبدأ بالسياسة النقدية للتأثير على متطلبات التعافي؟!
الخبير الاقتصادي عياش، يشير إلى أنه في النظرية العامة لا بد أن تكون متطلبات التعافي الاقتصادي هي الموجه للسياسة النقدية، إلا أنه في الظروف الاستثنائية يمكن عكس القاعدة بشكل محدد ومدروس للمساعدة في تسريع الإقلاع بالتعافي.
وهنا تلعب السياسة النقدية الدور الأهم في استعادة الثقة من خلال التيسير الكمي، أي تخفيف القيود على حركة السيولة ولا سيما لقطاع الأعمال، ورفع أسعار الفائدة على الادخار وتخفيضها للتمويل (ويتحمل صندوق دعم الفائدة الفرق ضمن مدة محددة).
كما تتم استعادة الثقة من خلال تيسير التمويل وتسهيل الائتمان ضمن أولويات تنموية محددة وتحقيق استقرار وتوازنات سعر الصرف على الأقل بما يضمن استقرار تكاليف الإنتاج والمستوردات الأساسية لدورة واحدة على الأقل.
التمويل بالعجز
وبحسب الباحث الاقتصادي يمكن القبول المحدد والمحدود وبشكل استثنائي ومؤقت للتمويل بالعجز، لتمويل زيادة الرواتب والأجور للمساعدة على زيادة الطلب وتحريك الركود وتشجيع الإنتاج وزيادته، وإعادة تفعيل دور المصارف وتقييد دور الحلقات الوسيطة ولا سيما شركات الصرافة والحوالات وإعادة توطين الرواتب والأجور.
ومن الأمور الأخرى التي يجب العمل عليها وفقاً لما ذكره ” عياش ” تأمين البنية التحتية الضرورية لمنظومات الدفع الإلكتروني، وتكثيف جهود وأدوات الدبلوماسية الاقتصادية لتخفيف القيود والعقوبات على النظام المصرفي ولا سيما البنك المركزي وإعادة الاندماج بالنظام المالي العالمي واستعادة التعاون مع المنظمات المالية الدولية ولا سيما صندوق النقد والبنك الدوليين.
إعادة هيكلة المنظومة المصرفية بما يتناسب مع الوضع الجديد ومتطلبات مرحلة التعافي وإعادة بناء وإعمار سوريا الجديدة، ولا سيما البنك المركزي وإنشاء مصارف استثمار وممكن دمج بعض المصارف الحالية وزيادة تخصصها مع التأكيد على الدور التنموي للمصارف من خلال التمويل الجدي للقطاعات الإنتاجية كأولوية، وإعداد التشريعات اللازمة بشكل حازم وشفاف لضمان تنفيذ المتطلبات أعلاه وضمان التطبيق الصحيح لها.
اقرأ أيضاً: