الحرية- ميليا اسبر:
يشكل رفع العقوبات الأميريكية والأوربية عاملاً مهماً في عودة القمح السوري إلى ألقه، وربما بعد هذه الخطوة سيتم مستقبلاً تصديره إلى الكثير من دول العالم لما يتمتع من مواصفات قياسية، كذلك يساعد رفع العقوبات على استيراد أصناف جيدة من كافة الدول وعدم حصرها بدول معينة كما كان في عهد النظام البائد، ما ينعكس إيجاباً على تحقيق الأمن الغذائي للسوريين.
خطوة محورية
مدير عام مؤسسة الحبوب حسن عثمان أوضح في تصريح خاص لـ”الحرية” بأن رفع العقوبات المفروضة على سوريا يُشكّل خطوة محورية ستنعكس إيجاباً على ملف الأمن الغذائي، وبشكل خاص على استيراد وتصدير مادة القمح، فعلى صعيد الاستيراد، ستُسهم هذه الخطوة في توسيع خيارات التوريد أمام الحكومة والقطاع الخاص بعيداً عن القنوات المقيّدة والمكلفة التي كانت تُفرض بسبب العقوبات، ما يتيح الحصول على القمح بجودة أعلى وأسعار أقل وضمن شروط تمويل أكثر مرونة.
عثمان: استثمار الانفتاح العربي والدولي بعد سنوات من العزلة الاقتصادية
أما على صعيد التصدير، وخاصة في حال توفر فائض محلي في المستقبل فإن إزالة القيود تفتح المجال أمام التصدير إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، ما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزّز موقع سوريا كمصدر محوري للمنتجات الزراعية في المنطقة.
استثمار الانفتاح العربي والدولي
وأشار عثمان إلى أن وزارة الاقتصاد والصناعة تعمل ضمن خطة متكاملة تستثمر الانفتاح العربي والدولي بعد سنوات من العزلة الاقتصادية، والتي كانت في ظل حكم الأسد البائد، وتركّز في المرحلة الحالية على ثلاث محاور رئيسية فيما يتعلق بالقمح:
الأول: تحديث وتوسيع اتفاقيات التعاون الزراعي والتجاري مع الدول العربية والصديقة، وخاصة تلك التي تمتلك فائضاً في إنتاج القمح، بما يضمن تدفقات آمنة ومستقرة للمادة.
الثاني: إعادة تفعيل خطوط التمويل والتسهيلات الائتمانية مع المصارف والمؤسسات الدولية لتسهيل عمليات الاستيراد بعيداً عن القيود السابقة، ودعم عقود الشراء عبر آليات شفافة وفعّالة.
الثالث: التعاون مع وزارة الزراعة لإطلاق برنامج وطني يعزز الإنتاج المحلي من القمح، ويهيّئ البنية التحتية اللازمة للتخزين والنقل والتوزيع، تحضيراً لمراحل لاحقة يمكن فيها التصدير أو تحقيق اكتفاء ذاتي، منوهاً بأن الوزارة تعتبر هذا الملف أولوية إستراتيجية، وترى في الانفتاح العربي والدولي فرصة حقيقية لتعزيز أمن سوريا الغذائي وتحقيق استقرار السوق.
الخيار الوحيد
بدوره الباحث الزراعي المهندس إسماعيل عيسى أوضح أن الاستيراد هو الخيار الوحيد لسورية بفعل المعطيات القائمة حالياً، وهذا الواقع يعود لأسباب أهمها الجفاف الذي أصاب المنطقة العام الفائت، وخروج المساحات البعلية وهي ثقل الإنتاج، كذلك عدم وجود فائض سابق يساعد على تأمين بعضاً من احتياجات الشعب السوري.
عيسى: استيراد القمح الحل الوحيد في ظل تراجع كبير في الإنتاج
وبين عيسى أن فكرة التصدير حالياً هي ضرب من الخيال بسبب عدم كفاية الإنتاج الوطني وكذلك عدم وجود احتياطي.
فالقمح اليوم من أكثر وأشد الأسلحة (الناعمة) التي تستخدم لأغراض سياسية، إضافة إلى عدم- توفر السيولة النقدية وعجز الموازنة العامة للدولة عن تأمين القطع الأجنبي اللازم للاستيراد، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد وبالتالي فإن سياسة الحكومة الاقتصادية ستؤدي لارتفاع سعر الخبز وهو في ظل الظروف المعيشية القائمة حاليا أمر محفوف بالمخاطر.
استعادة قدرات سوريا الإنتاجية
ويرى عيسى أن معالجة مسالة تأمين رغيف الخبز يجب أن تقوم على هدف استعادة قدرات سورية الإنتاجية، ويكون ذلك من خلال تقديم القروض المصرفية وتأمين مستلزمات الإنتاج المحلي عن طريق المصارف الزراعية وبقروض ميسرة، إضافة إلى شراء إنتاج الحبوب كاملاً من قبل الدولة وعدم السماح بتجارة الحبوب أو القمح تحديداً، وكذلك منح الفلاحين أسعار مجزية وتشجيعية مع ضرورى وضع خطة زراعية للعام المقبل، يؤمن إنتاجها أكبر كمية من الاحتياج للقمح والذي يتمثل بـ(الخبز ومكوناته المختلفة- البذار- واحتياط الأمن الغذائي)، لافتاً إلى زراعة كل المساحات الممكنة بالقمح بما في ذلك الأراضي التي غاب عنها أصحابها لأسباب مختلفة وضمان حقوقهم الناجمة عن استثمار الأرض.
عفيف: رفع العقوبات يساهم في إنتاج رغيف خبز بمواصفات جيدة
رفع العقوبات عن مستلزمات الإنتاج
من جهته الخبير بالشأن الزراعي أكرم عفيف يرى أن رفع العقوبات عن استيراد مستلزمات الإنتاج مهم جداً، حيث كانت محصورة سابقاً ببعض الدول ومع ذلك كانت تستورد نوعيات سيئة ومنها الأسمدة، وتوقع عفيف بعد رفع العقوبات أن تتحسن سوية الإنتاج مع تخفيض التكاليف، وتالياً سوف تحسن واقع القمح بحيث يصبح بالإمكان استيراده وبمواصفات عالمية ومن كل الدول وهذا ما ينعكس ايجاباً على إنتاج رغيف خبز جيد ونظيف لأن الكميات المنتجة من القمح المحلي لا تكفي السوريين.
اقرأ ايضاً:
ملف «الحرية».. ماذا عن خريطة تجارة القمح؟.. خبير: قيمة القمح السوري القاسي تعادل 3 كيلوغرامات طري