ملف «الحرية».. موسم آخر غير مجزٍ للقمح.. الزراعة تقترح التمويل والتدريب والبحوث تطرح توصيات

مدة القراءة 8 دقيقة/دقائق

الحرية- لمى سليمان:

أدت العديد من الأزمات المتلاحقة إلى تعثر محصول القمح والوصول بالفلاح إلى محصول غير مجزٍ مادياً وغير قادر حتى على استرداد جزء من تكاليف زراعته أو حتى سداد القروض الآجلة التي تم إقراضها للفلاحين.
فمن شح شديد في الأمطار إلى خروج بعض المناطق من الزراعة بسبب الحرائق ونقص السماد وحتى انعدامه إلى بعض الممارسات الزراعية الخاطئة من الفلاح أحياناً. ومن المهم الآن العمل على تجاوز هذه الأسباب ومحاولة الوصول إلى موسم مبشر وللوقوف على صعوبات التي تعترض الوصول إلى موسم قمح مجزٍ والحلول المجترحة لتجاوز هذه الصعوبات. يفنّد د.سعيد إبراهيم مدير التخطيط والاقتصاد في وزارة الزراعة صعوبات الوصول إلى موسم قمح مجزٍ في سوريا ومنها: قلة الأمطار أو هطولها بشكل غير منتظم والذي يعيق نمو محصول القمح كما أن شح الموارد المائية اللازمة للري، خاصة في ظل تغيرات المناخ أدت لهذه الانخفاضات في الإنتاج.

د.إبراهيم: شح الموارد المائية والاعتماد على بذور تقليدية خفّض الإنتاج

بالإضافة إلى الاعتماد على بذور تقليدية قد تؤثر على كمية وجودة الإنتاج، إذ لم يعتمد أغلب المزارعين على بذار المؤسسة الموثوق المصدر والمتحمل للظروف البيئية في سورية ناهيك بعدم الالتزام بالخريطة الصنفية لمحصول القمح من المزارعين،كما أن الاضطرابات الأمنية والسياسية أثرت على استقرار العمل الزراعي والنقل والتسويق.

التغلب على الصعوبات

وأكد د.إبراهيم في تصريحه لـ(الحرية) أنه ولكي يتم التغلب على هذه الصعوبات، يمكن اعتماد مجموعة من الإجراءات وتكمن في تحسين إدارة الموارد المائية من خلال تقنيات الري الحديثة وتوفير نظم جمع مياه الأمطار.
إضافة إلى تقديم الدعم الفني والتمويل للمزارعين وذلك عبر برامج تمويل ميسر وتدريب على تقنيات الزراعة الحديثة.
وكذلك بالاستفادة من البذور المحسنة والمقاومة للأمراض عبر التوسع في إنتاج بذور ذات إنتاجية عالية، والالتزام بالخريطة الصنفية للمحصول.

د.إبراهيم: تحسين إدارة الموارد المائية من خلال تقنيات الري الحديث

ويضيف د.إبراهيم يجب أيضاً العمل على مكافحة الآفات والأمراض بشكل فعّال باستخدام مبيدات وبرامج مراقبة مستمرة.
ومن المهم أيضاً تعزيز الأمن والاستقرار الزراعي لضمان عدم تعطيل عمليات الزراعة والتسويق.

د.إبراهيم: تقديم الدعم الفني والتمويل للمزارعين

قمح مقاوم للجفاف

وبدورها عزت الدكتورة زينب تدبير رئيسة قسم القمح القاسي في البحوث العلمية الزراعية أسباب كون موسم القمح الحالي غير مجزٍ إلى الجفاف وشح الأمطار وغلاء المحروقات وقالت د.تدبير في تصريحها لـ(الحرية): إن البحوث الزراعية عملت ولا زالت تعمل على استنباط أنواع عديدة من القمح المقاوم للجفاف وهناك بالفعل أربعة أنواع للاستقرار الثاني ويكون معدل الأمطار بين ٢٥٠ إلى ٣٥٠ وهي: شام 3 وشام 5 وكذلك دوما1 ودوما 3.

د.تدبير: البحوث الزراعية عملت ولا زالت تعمل على استنباط أنواع من القمح مقاومة للجفاف

وفي عام 2022 تم اعتماد نمط جديد سمي بـدوما5 ملائم لحالات الجفاف وتتم زراعته في درعا وحماه وحلب.

الخريطة الصنفية

وبينت د.تدبير أن البحوث الزراعية تطلب بشكل دائم من مؤسسة إكثار البذار توزيع الأصناف الملائمة لمناطق زراعتها، فالقمح في سوريا يُزرع مروياً أي يتم تقديم الري بشكل كامل أو ريّات جزئية أو أن تتم زراعته في مناطق الاستقرار الأولى التي تتجاوز كمية الأمطار فيها ٣٥٠ وحتى ٦٠٠مل كما في القنيطرة وحمص وسهل الغاب أو في مناطق الاستقرار الثانية.
ويوجد في سوريا، كما توضح د. تدبير، ما يقارب 14 صنفاً للقمح القاسي ومثلها للطري وتقوم مؤسسة إكثار البذار باستخدام جزء من الأصناف السابقة مالا يتجاوز 12 صنفاً من القاسي والطري وتقوم بتوزيعها حسب الإمكانيات أو حسب رغبة الفلاح بصنف معين. ويتم أحياناً توزيع الأصناف التي تم اعتمادها للجفاف أو في مناطق الاستقرار الثانية لتتم زراعتها في المناطق المروية الأمر الذي يخفض من الإنتاجية ومن المهم جداً ملائمة الصنف لمنطقة زراعته أو توزيع البذار حسب الخريطة الصنفية التي تم اعتمادها من الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية.

التقيد بالمعاملات الزراعية

والنقطة الثالثة الأكثر أهمية، إضافة إلى ملائمة الصنف لمنطقة زراعته وتوزيع البذار حسب الخريطة الصنفية، وهي التقيد بالمعاملات الزراعية فعلى سبيل المثال حين تقرر وزارة الزراعة أن تتم زراعة 25 كغ في الدونم في حالة المروي و 20 كغ في الاستقرار الأولى و15 كغ في الجفاف، فالفلاح لا يطبق المعاملة الزراعية التي أقرتها الوزارة ولا يزرع بالمعدل المطلوب وقد يزرع 40 كغ في المروي بدلاً من 25، الأمر الذي يؤثر سلباً على المحصول .

د.تدبير: نطالب مؤسسة إكثار البذار بتوزيع أصناف القمح الملائمة لمناطق زراعتها

النقطة الرابعة وهي الأسمدة، إذ من المفترض أن يستخدم الفلاح الأسمدة بأنواع محددة في أوقات محددة وبعض الفلاحين لا يلتزم بها أبداً والبعض الآخر قد لا يستخدم الأسمدة أبداً بسبب غلاء أسعارها وهذا الأمر أيضاً يجعل محصول القمح غير مجز للفلاح.
وتشدد د.تدبير أن اختلاف المعاملات السابقة هو الذي يؤدي إلى اختلاف الإنتاجية فعلى سبيل المثال حين يتم اعتماد صنف معين كـ شام 7 والذي يعطي بحسب التجارب 7 أطنان بالهكتار الواحد وبعد أن تتم زراعته من الفلاح من دون أن يقدم له الري الكافي أو الأسمدة أو أن يزرعه بعد محصول مُجهد كالذرة الذي يستنفد كل مخصبات الأرض، فبالطبع لن يكون هناك المحصول الذي توقعه الفلاح وبالعكس ستنخفض الإنتاجية وستخلق ما يسمى بالفجوة الإنتاجية بين مراكز البحوث والفلاح والأمر هنا يعتمد على الإمكانيات التي تختلف من فلاح لآخر كالري والأسمدة و الطاقة الشمسية..

أصناف غير مطابقة

وفي مطابقة قامت بها البحوث العلمية الزراعية لبعض الاصناف التي تمت زراعتها في حقول إكثار البذار في بعض المناطق في حال كانت مطابقة للمواصفات المعتمدة من الهيئة العامة للبحوث الزراعية وتم اكتشاف العديد من الأصناف غير المطابقة والتي سيتم التوجه بعدم استلامها من مؤسسة إكثار البذار ليتم طحنها و استخدامها علماً أنه لا يتم توزيع أي صنف إلا بعد أن يتم تعقيمه و غربلته في المؤسسة المذكورة. ولكن بحكم وجود عقود موقعة مع الفلاح سيتم استلام القمح حتى لو لم يتم طحنه من الدولة لتفادي الخسارة الكبيرة للفلاحين .

د.تدبير: بعض المناطق البعلية خرجت من دائرة الإنتاج.. أما المروية فهي بحكم المقبول

وبالنسبة للقمح في مناطق الاستقرار الثانية فهو غير مكتمل النمو منذ فترة طويلة حتى أن بعض الحقول لا تتضمن حتى مرعى ويمكن القول إن المناطق البعلية أو مناطق الاستقرار الثانية التي معدل أمطارها أقل من ٣٥٠ مل في كل المحافظات من درعا وحلب وغيرها قد خرجت من دائرة الإنتاج أما المناطق المروية فالإنتاج فيها بحكم المقبول.

توصيات

وفي ختام حديثها قدمت د.تدبير بعض التوصيات المهمة للحصول على موسم قمح مجز ومنها استخدام البذار المعقم و المغربل واستخدام المعدلات الموصى بها لكل منطقة استقرار والالتزام بالخريطة الصنفية. إضافة إلى الاستمرار بزراعة الأصناف التي أظهرت ثباتية إنتاجية مع دراسة لأسباب تناقص الإنتاجية والفجوة الإنتاجية بين طاقة الصنف وإنتاجه في الحقل.
ومن التوصيات أيضاً: الالتزام بالزراعة بالموعد المناسب وتطبيق الدورة الزراعية الملائمة مع إضافة الأسمدة بالوقت المناسب والكميات المناسبة إضافة إلى رصد التغيرات المناخية بالتعاون مع مديرية الأرصاد الجوية لتحديد الموعد المناسب للزراعة والتسميد ومكافحة الأمراض.

اقرأ ايضاً:

ملف «الحرية».. الخصوصيّة السورية حاضرة على التوازي مع الإنجاز العلمي..”أكساد” يعيد تصويب بيئة إنتاج المحصول الاستراتيجي الأهم في سوريا والعالم العربي

 

Leave a Comment
آخر الأخبار