ملف «الحرية».. هل نستطيع مواجهة ندرة الموارد المادية والطبيعية التي يعيشها اقتصادنا اليوم..؟!

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – مركزان الخليل:

ظروف قاسية جداً عانى منها الاقتصاد السوري، رافقته منذ سنوات، لأسباب متعددة منها ما يتعلق بتغير المناخ، والظروف الجوية، وتقلبات الطقس، ومنها مرتبط بظروف الحرب، وما رافقها من تدمير وتخريب، وحصار اقتصادي وعقوبات اقتصادية، والأهم عبث يد البشر بالثروات الباطنية والحراجية، الأمر الذي أدى هذه الأيام إلى ندرة كبيرة في الموارد الاقتصادية، وخاصة المواسم الزراعية، والإنتاج النباتي والحيواني وغيرها من الموارد ..!
والسؤال هنا كيف يمكن معالجة ذلك….؟
والسؤال الأهم حول كيفية تنمية الثروة الحيوانية، وتنمية التربية المنزلية للحيوانات المنتجة…؟!
وهل نستطيع مواجهة الندرة الاقتصادية، التي يعيشها اقتصادنا اليوم، من خلال إقامة مجمعات للتربية في أماكن ملائمة، ومناسبة لتربية المواشي وأن يتم تأجيرها للمربين مقابل أجور معقولة ومناسبة…؟!

لغة قريبة من الواقع

الخبير الزراعي “أكرم عفيف” عبر عن محاكاة قريبة للواقع من خلال رأيه العارف في طبيعة الموارد الزراعية، والاقتصاد الزراعي والمنزلي، حيث قال: في سورية المخاطر التي تواجه المواسم والمحاصيل الزراعية، والإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، كثيرة بسبب الحرب وما رفقها من سلبيات انعكست على الواقع بصورة مباشرة، أولى هذه المخاطر دخول البضائع المنافسة معظمها تهريباً، وأقلها استيرداً، الأمر الذي أدى إلى خسارة المحاصيل الزراعية، إضافة لزيادة تكاليف العملية الإنتاجية، سواء من ناحية ارتفاع تكاليف مستلزمات السقاية، وخاصة المازوت وارتفاع قيمتها على المزارع، والتي كانت توزع شبه مجاناً على الفلاحين خلال السنوات السابقة، واليوم تحملها المزارع مع ارتفاعات كبيرة، إضافة لذلك الآثار السلبية الناتجة عن تغيير حالة المناخ ليس على مستوى سورية فحسب، بل عالمياً والتي أدت بطبيعة الحال إلى تراجع إنتاجية المحاصيل إلى حدودها الدنيا، نذكر على سبيل المثال “دونم الجلبانة” الذي كانت إنتاجيته العام الماضي بحدود 350 كغ، واليوم الإنتاجية تراجعت إلى 100 كغ. هذا بالنسبة لمحصول واحد، والحال نفسه على المحاصيل الأخرى..

عفيف: العملية الإنتاجية برمتها في خطر

مخاطر متعددة

وأشار عفيف في حديثه إلى تعدد مخاطر الإنتاج الزراعي أهمها التكاليف المرتفعة بصورة يومية، ما يتعلق بانخفاض القيمة الإجمالية للمنتج بالقياس إلى التكاليف، نذكر مثالاً الفروج الذي يباع اليوم بأقل من التكلفة، وخسائره كبيرة جداً.
وأوضح عفيف أن العملية الإنتاجية برمتها في خطر، فإذا لم تكن ظروف طبيعية ومناخية، فهناك ظروف مادية وكوارث تتعلق بطبيعة المرحلة والظروف التي مرت بها البلاد من حرب مدمرة، وسياسات خاطئة للحكومات المتعاقبة..

ظروف طبيعية ومناخية وكوارث طبيعية وحرب مدمرة وسياسات خاطئة للحكومات المتعاقبة جميعها أدوات الخطر..!

ومعالجة ذلك يحتاج لجهود كبيرة، منها ما يتعلق بالجهد الحكومي، وآخر يتعلق بالجهود المجتمعية، والتي تبدأ بالمشاريع الأسرية، وتوسيع دائرتها حتى تشمل غالبية الأسر، فمثلاً بدلاً من توزيع 1000 بقرة لدى مربٍ واحد، يمكن توزيع هذا الرقم أو2000 بقرة على 500 مربٍ، ويقوم هؤلاء بعملية الاستثمار الناجحة في تأمين الاعلاف وبدائلها، وزيادة فرص الاستثمار فيها وبمخلفاتها بدءًا من مادة الحليب وصولاً لروس الحيوانات، الذي يستخدم لتوفير الطاقة وغيرها من العوائد التي تخلفها هذه المشروعات، وبهذه يمكن مواجهة ندرة الموارد، واستثمار ما تبقى منها وبمشاركة الجميع، تحت اسم تنمية المشروعات الأسرية الزراعية بشقيها النباتي والحيواني.
إذاً الحل متوافر لكنه بحاجة إلى تنظيم، قطاع المشروعات الأسرية وتقديم الدعم لها بما يضمن استمرارها ونجاحها، وذلك من خلال قانون الشركات الزراعية وتطويره، بما يتلاءم مع الواقع وسرعة تأمين المطلوب للقطاع الأسروي.

يحتاج للتنظيم

وأضاف عفيف حتى نطور قطاع الأبقار نحتاج حسب قانون الشركات إلى منشآت فيها أعداد كبيرة من الأبقار، وهذا الموضوع يحتاج لسنوات وعشرات المليارات من الليرات وبإنتاجية مخطط لها أيضاً حسب عمرها..

عفيف: ضرورة الاتجاه نحو الاقتصاد الأسري ومشروعاته المتنوعة التي تكفل معالجة الندرة وتؤمن فرصاً داعمة للاقتصاد الوطني

في حين هذه الأرقام التي تنفق لهذه المنشآت، يمكن إنفاقها على مشروعات أسرية، وتوزيعها على المربين الذين تتوافر لديهم المواد الأولية والعلفية للتربية خلال ساعات قليلة يعطي المربي النتائج الفورية، لكن ما ينقص هذا القطاع عملية التنظيم وتأمين مستلزماته وفق تقديم الدعم المباشر للمربي، فمثلاً تاجر العلف يربح 75 ألف ليرة على كيس العلف، والتاجر يبرر ذلك في التأخير في دفع ثمن المادة، وتقديم المادة من قبل الدولة أو من جهات راعية بمبالغ معقولة تخفف من هوامش المتاجرة والربح، وإجراءات أخرى منها غرفة “شعير مستنبت” على مستوى القرية الواحدة، وضع نظام تأميني معقول، ورسوم مالية بسيطة، إلى جانب مشاريع الرعاية الصحية لقاء رسوم معينة يتقاضاها الطبيب على معالجة ورعاية القطيع، وغيرها من الأمثلة المتعلقة بالمشروعات الأسروية التي من شأنها معالجة ظاهرة الندرة، وبالعناوين العريض ضرورة الاتجاه نحو الاقتصاد الأسري، ومشروعاته المتنوعة التي تكفل معالجة الندرة، وتؤمن فرصاً داعمة للاقتصاد الوطني تمكنه من القوة والصمود في وجه المتغيرات.

اقرأ ايضاً:

ملف «الحرية».. تحديات الاقتصاد السوري في ظل اقتصاد الندرة.. “شيفرة” الحل تكمن في الاكتفاء الذاتي النسبي والإصلاح المؤسسي وإيجاد تحالفات اقتصادية إقليمية بعيداً عن السياسة

Leave a Comment
آخر الأخبار