من الرياض واللقاء بالرئيس الشرع إلى قطر والإمارات وصولاً إلى قمة بغداد العربية.. ترامب يُراهن بسقوف عالية ويكسب

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية:

لاتزال قمة ترامب الخليجية ولقاؤه الرئيس أحمد الشرع حدثين يحظيان باهتمام مستمر، وحتى طاغ، على الساحة الدولية، وفق ما تظهره سلسلة من  المقالات والافتتاحيات في أبرز الصحف ووسائل الإعلام العالمية.

ورغم أن القمة العربية المنعقدة في العاصمة العراقية بغداد تعد امتداداً لمجمل ما تشهده المنطقة، بما في ذلك جولة ترامب ولقاؤه الرئيس الشرع، إلا أن الجولة واللقاء يزاحمانها في العناوين الرئيسية، باعتبارهما حدثين بأبعاد مستقبلية في سياق خريطة جيوسياسية جديدة للمنطقة.

وبين القمة العربية والجولة واللقاء مشترك واحد هو ترامب، وبما يصبُّ في تثقيل رصيده داخلياً ودولياً، في مواجهة قضايا عالمية لا تقل أهمية وحساسية للولايات المتحدة عن منطقة الشرق الأوسط.. كل ذلك مرفقاً بأسئلة حول رهانات ترامب ومدى نجاحها في كل مرة، وهي رهانات يصل ترامب في بعضها إلى حد المغامرة، وفي بعضها الآخر لا تبدو مفهومة ولا منطقية، لكنه أسلوب ترامب وشخصيته وسياساته التي لا يمكن التنبؤ بها في أغلب الأوقات.

في صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية مقال يركز على اعتراف ترامب بالرئيس الشرع ورفع العقوبات عن سوريا، ويؤكد أنه وللمرة الأولى منذ عقود، تركز الحكومة السورية والقيادة الأمريكية على التعاون بدلاً من العداء المتبادل، وتضيف: الشرع وترامب تحدّثا لمدة نصف ساعة في الرياض. وحضر اللقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هذا نجاح دبلوماسي كبير، فقد أظهر الأمير أنه طوّر علاقة جيدة مع الشرع بالقدر نفسه للعلاقات التي تربطه مع كل من تركيا وقطر.

وتحدّثت وكالة «الأناضول» التركية عن مشارك رابع في لقاء الرياض، هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي تواصل مع القادة عبر الإنترنت. وبذلك، أظهر ترامب بوضوح أنه لا ينوي استبعاد أي من الوسطاء المحتملين من عملية بناء العلاقات مع سوريا الجديدة. ومن السعودية، سافر ترامب جواً إلى قطر، الحليف القديم للقيادة السورية.

أما صحيفة «فوكس نيوز» الأميركية فكانت أوسع تحليلاً في تناول سياسات ترامب ورهاناته، وتحت عنوان: «ترامب راهن على القادة الأصغر سناً في الشرق الأوسط.. ونجح» كتب المحلل كي تي ماكفارلاند : قبل 8 سنوات ومع بداية ولاية ترامب الأولى، انضممتُ إلى كبار مستشاريه في غرفة عمليات البيت الأبيض لمناقشة نهجنا تجاه السعودية. وكانت الأسئلة: هل ينبغي لنا العمل مع الجيل الأكبر سناً من القادة السعوديين، الذين تعاملت معهم الولايات المتحدة لعقود، أم نخاطر بالجيل الأصغر سناً، الذي لم يتم اختباره بعد، ولكنه ملتزم بتغيير اجتماعي واقتصادي جذري.

لقد دافع جاريد كوشنر عن القادة الجدد، وخاصة الأمير محمد بن سلمان، وجادل بأنهم سيأخذون السعودية في اتجاه مختلف، بعيداً عن الجيل الأكبر سناً من أجدادهم المحافظين دينياً واجتماعياً، والمنعزلين، والمتسامحين مع التطرف. وسيبنون مجتمعاً حديثاً ومتسامحاً ومنفتحاً، مع حقوق المرأة.

وأراد هؤلاء القادة تنويع الاقتصاد السعودي بعيداً عن اعتماده على النفط، وبناء دولة حديثة تركّز على التكنولوجيا والاستثمار والبنية التحتية.

كان الخيار بيد ترامب، وكان أحد قراراته الرئيسية في السياسة الخارجية هو المراهنة على الجيل الأصغر سناً. وانسحب من اتفاق الأسلحة النووية المعيب الذي أبرمه الرئيس باراك أوباما مع إيران، معتقداً أن الطريق إلى السلام في الشرق الأوسط يمر عبر الرياض، وليس طهران.

ويضيف المحلل الأميركي: كانت رحلة هذا الأسبوع إلى السعودية وقطر والإمارات بمثابة لفتة انتصار لترامب. وقد أتى رهانه الكبير في عام 2017 بثماره. ويمكنه أن يقول بفخر كبير: «أمام أعيننا، جيل جديد من القادة يتجاوز صراعات الماضي القديمة وانقساماته المتهالكة، ويرسم مستقبلاً يُعرّف فيه الشرق الأوسط بالتجارة لا بالفوضى؛ ويُصدّر فيه التكنولوجيا لا الإرهاب؛ وحيث يبني أبناء مختلف الأمم والأديان والمذاهب مدناً معاً – لا أن يُدمّروا بعضهم بعضاً بالقصف».

ويتابع: حثّ السعوديون، إلى جانب قادة دول الخليج العربية الأخرى، ترامب على فتح حوار مع القيادة الجديدة في سوريا. وقد راهن ترامب مجدداً على السلام خلال هذه الزيارة، وهو يسقط عقوبات مرهقة عن سوريا، ليمنحها «فرصة للعظمة». وإذا كان ترامب محقاً، فلن تكون سوريا آفة في المنطقة كما كانت لعقود؛ ولن تكون معقلاً للفصائل المعادية للغرب.

ولعل الأهم من ذلك كله هو أن ترامب قد غرس في صميم السياسة الخارجية الأمريكية التدخلية التي انتهجها كلا الحزبين السياسيين على مدى العشرين عاماً الماضية مفهوماً يقضي بعدم خوض حروب لا تنتهي في الشرق الأوسط بعد الآن، إضافة لعدم إلقاء «محاضرات عن كيفية العيش أو إدارة الشؤون».

Leave a Comment
آخر الأخبار