من الظل إلى النور… تشجيع شركات الظل على الظهور قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد السوري

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية- حسام قره باش:
يشير مصطلح “شركات الظل” إلى الشركات التي تعمل بشكل غير علني ولها تأثير على الاقتصاد من دون أن تدخل في أساسياته، حيث كلما كثرت شركات الظل يكون التقييم العام للاقتصاد غير دقيق، ورغم أنها تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد إلا أنها غير محسوبة عليه حسب توضيح خبير العلوم الاقتصادية والمصرفية الدكتور نهاد حيدر في حديثه لـ “الحرية”.

أثر رجعي
ويؤكد حيدر بأنه كلما كثرت الشركات في الظل كان مؤشراً غير جيد من الناحية التنظيمية وحقوق الدولة في الضرائب وتسجيل العاملين بالتأمينات ومتابعة السلع المنتجة أو الخدمة التي تقدمها هذه الشركات، ومع أنه ليس معها ولا يحبذها إلا أن حيدر يرى أنها مطلوبة بالحدود الدنيا ويجب غض الطرف عنها إذا كانت بنسب قليلة لا تتجاوز 1٪ طالما أنها بطور التجربة، مبيناً أنه كلما زادت نسبتها كان المؤشر غير صحي لأسباب تتعلق بحقوق الدولة والخزينة وضياع حقوق العاملين فيها ولها أثر رجعي على الاقتصاد من حيث إنتاج غير مسؤول عنه أحد، فالشركة المعروفة تقدم منتجاً بالمواصفات القياسية السورية المعرَّف بالعنوان والمراجعة والصيانة على عكس تلك الشركات المجهولة وغير المسؤولة عن منتجها.

المخاطر
بهذا السياق الوارد، يبين حيدر أن المستفيد الوحيد من شركات الظل هو صاحب العمل فقط، بينما تكون الفائدة مشتركة في الشركات النظامية من ناحية جباية الدولة للأموال وضمان حقوق العاملين وتشغيل اليد العاملة ومساهمتها بانخفاض معدل البطالة ولمستهلك السلعة الذي هو أيضاً طرف مستفيد بأخذ سلعة ذات ضمانة وكفالة ولها مرجعية على عكس سلعة من إنتاج شركة ظل غير قائمة على أرض الواقع.

خبير اقتصادي: أكثر من 50 بالمئة من الشركات تصبح خارج العمل بسبب الإقلاع العشوائي

وتوقع في ظل غياب الإحصائيات الدقيقة أن تكون شركات الظل أغلبها صغيرة ومتوسطة، لأن الشركة الكبيرة لا تخفي نفسها في حين شركات الظل الصغيرة ومتناهية الصغر كثيرة جداً وتحتاج إلى تنظيمها وإنصاف جميع أطرافها في العملية الاقتصادية.

من الظل إلى النور
وباعتقاده، فإن تشجيع شركات الظل على الخروج إلى العلن يعني إضافة قيمة اقتصادية كبيرة للاقتصاد السوري وعدد كبير من الشركات التي تعد مصدر قوة أي اقتصاد بالعالم.
ويضيف: وستصبح هذه الشركات تحت رعاية الاقتصاد الحكومي الذي يسمح لها أن تكبر وتتطور من شركة صغيرة إلى متوسطة إلى كبيرة ويكون لها مبرر أن تكبر لكون شركة الظل تبقى كما هي أو تتفتت إلى فروع وأجزاء.
ويكمل حديثه بأن حقوق الأطراف تصبح مضمونة كأحد أهم مزايا تنشيط وإعادة شركات الظل إلى النور وبالتالي ينعكس ذلك إيجاباً على الاقتصاد وإن كانت أصلاً محسوبة على الناتج المحلي لكون منتجاتها موجودة على أرض الواقع وتباع بالأسواق، إنما تصبح العلاقة ما بين المدخلات والمخرجات في الاقتصاد منطقية.
وتطرق إلى أن إخراج شركات الظل إلى العلن يخفف فعلياً بشكل رسمي فاتورة الاستيراد وقوائم الاحتياجات عن طريق الاستيراد لأنه عادة ما تستند وزارة الاقتصاد عند السماح باستيراد المواد من الخارج إلى إنتاج الشركات المسجلة لديها والمرخصة قانونياً وبوجود شركات أكثر يمكن إعادة النظر بقوائم الاستيراد والأولويات.

التسوية
بالمقابل، يحتم الأمر على ضرورة تسوية أوضاع هذه الشركات التي تعمل في الخفاء حتى لا تقف أمام شبح الفشل والتصفية، وبهذا الصدد قال حيدر: علينا أن نتساءل لم لا يريدون الظهور إلى العلن؟ وبحال كانت الأسباب مقنعة فبالإمكان جعلها على سبيل الإحصاء فقط والطلب منهم تسجيل اسم الشركة كي يصير عندنا داتا أساسية مع أن أغلب أصحاب شركات الظل يتخوفون من الضرائب والرسوم.
وشبه حيدر ظهور الشركات إلى العلن بالولادة والوفاة وأنه من الأهمية أن تكون لهذه الشركات هوية طالما أنها تعمل وتنتج وتستهلك وتستورد وتصدر أحياناً، فعندما تكون مسجلة ستكون قوية بالسوق ولو كان التسجيل بالحد الأدنى قيد وجود بالدولة حتى للشركات متناهية الصغر كمشاريع إنتاج الألبان والأجبان مثلاً الأكثر انتشاراً حتى في البيوت، فالمطلوب معرفة معلومات عنها فقط دون أي تكاليف أو ضرائب.
ويتابع: من الضروري أن تكون لها قيود لمعرفة عددها التي لا تحصى في الأسواق وتكون لها قاعدة بيانات تمكن الدولة من تقديم الدعم لها ومساعدتهم على التسجيل والخروج للعلن وتسويق منتجاتهم واستجرارها من قبل مؤسسات الدولة.
وطرح مثالاً عن الحديث الدائر الآن حول توطين صناعة السيارات في سوريا، بمعنى أنه لا يمكن للمعمل إنتاج كل شيء ويحتاج إلى تصنيع الجلود مثلاً فيستعين بورشات تنتجها، فيعتمد المعمل على مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر وبالتالي يشغِّلها ويستجر إنتاجها، وعليه يتطلب الموضوع أن تكون هذه الشركات مرخصة ومسجلة أفضل من أن تبقى في الظل كون الفائدة مشتركة للجميع دون أن يُفرض عليها شروط قاسية للتسجيل.

برسم قانون الشركات
وأكد حيدر على وجوب أن يعامل قانون الشركات كل مستوى معين من الشركات حسب قدرتها وإمكانياتها وأن تعمل على البقاء لأطول فترة زمنية ممكنة، حيث توجد إحصائية تؤكد أن الشركات عند إقلاعها أول سنة يصبح أكثر من 50٪ منها خارج العمل في العام التالي بسبب الإقلاع العشوائي وغير المدروس.
وأضاف: عندما تسجل هذه الشركات في الدولة، ستقدم لها نصائح الاستثمار والخبرات والمساعدة على تخفيض هذه النسبة لاستمرار العمل لفترة أطول.
ووفقاً لرأيه فإن قانون الشركات يشجعهم على التسجيل وإن كان أغلب شركات الظل لا تتبع لقانون الشركات وإنما يتبعون لاتحاد الحرفيين كورش ومشاريع متناهية الصغر الأقدر على الإشراف عليهم والوصول إليهم والذي يمنحهم شهادات حرفية توثق حرفهم بشكل نظامي.

Leave a Comment
آخر الأخبار