الحرية – إلهام عثمان:
على عتبة عام 2026، لا يكتفي السوريون بتبديل الأرقام في التقويم، بل يمارسون وقفة تأمل وطنية عميقة، إنها لحظة تتجاوز التخطيط التقليدي للمستقبل، لتستلهم من مفهوم «قائمة الإنجازات المعكوسة»، فبدلاً من إرهاق النفس بطموحات قد تبدو بعيدة المنال، يركز البعض على تثمين ما تم إنجازه من صمود وبقاء، وعلى القيم التي حفظت الهوية الوطنية في وجه أعنف التحديات.
فرحة لا تنكر آلامها
وفي هذا الإطار بينت الخبيرة الأسرية عبير محمد من خلال حوار أجرته صحيفة «الحرية» معها، أن الأمنيات فرحة لا تنكر الألم لكنها لا تستسلم له، فهي تولد من رحم الخسارات الثقيلة، وتتحول إلى فعل مقاومة صامت في وجه الأوجاع التي ألمّت بالبلاد.
الأمل.. وقود البقاء في زمن التحديات
هذا التقدير العميق لإنجازات الماضي القريب هو ما يغذي الأمل اليوم، كما أكدت محمد، لافتة إلى أن التجربة السورية أثبتت أن الأمل ليس ترفاً بل ضرورة وجودية ووسيلة للبقاء في بلاد أنهكها التعب، ومع دخول عام 2026، يتجدد التطلع الصادق إلى ما هو أبعد من الذاكرة الفردية المثقلة، ليرنو نحو مستقبل الأبناء والأجيال القادمة، مستقبل قوامه الإخلاص والوفاء وطيبة العلاقة بين الناس ونبل المشاعر الصافية.
وترى أن هذا التحول نحو «الامتنان الوطني» هو ركيزة أساسية للتعافي، وأن ما يمارسه السوريون اليوم من خلال التركيز على إنجازاتهم في البقاء والتماسك هو تمرين نفسي جماعي يعزز الرفاهية العامة، فالمجتمع السوري الذي استطاع أن يخرج من أتون الحرب وهو لا يزال يؤمن بقيم المحبة والوفاء، هو مجتمع حقق إنجازاً يفوق أي خطط مادية.
قائمة المهام المعكوسة
أوضحت محمد أن «قائمة المهام المعكوسة» تعني أننا نقدّر وجودنا معاً ونثمن قدرتنا على الصمود رغم الصعاب، وهذا هو الوقود الحقيقي لعملية إعادة الإعمار النفسي والمادي، ومن خندق الشدائد إلى ساحة البناء، ومن البرد القارس للذاكرة إلى دفء التطلع، تبرز الدعوة إلى الوحدة الوطنية في أبهى صورها.
وأصبح التحدي هو اختبار هذه الوحدة في الفرح والسلم والبناء، فهي دعوة لتوحيد الجهود والقلوب لا لمواجهة الخطر فحسب، بل لتحقيق الازدهار واكتشاف أن للوحدة طعماً آخر أكثر حلاوة وعمقاً، يفوق لذة الانتصار المؤقت.
نصائح لوضع قائمة أهداف
كذلك قدمت محمد مجموعة من الأفكار لأهداف السنة الجديدة، مؤكدة ضرورة النظر إلى قائمة أهداف العام الماضي لتحديد ما أُنجز وما لم يُنجز بعد، وشددت على أهمية التخلص من العادات التي تستنزف الوقت بلا قيمة، واكتشاف المهارات والممارسات التي يرغب الفرد في تطويرها، مع الموازنة بين الأهداف العملية والعلمية والشخصية، وأكدت أن الأهداف يجب أن تكون غير تقليدية، وأن تُكتب في ورقة تُعلّق في مكان ظاهر ليتم الاطلاع عليها باستمرار، مع وضع إشارة عند إتمام كل هدف لتعزيز الحافز والشعور بالفخر.

الصدق مفتاح الوئام
وختمت محمد بالقول إن العام الجديد في جوهره يفتح أفقاً بعيداً قوامه المحبة الخالصة والأمان والصدق مع الذات والآخرين، وتمنت أن يفي الناس بوعودهم وألّا يسيئوا الظن وألا يبدّلوا وجوههم بحسب المصالح، وأن يتصالح المتناحرون وتخفت الضغائن، لتلتف أيام السوريين بفرح يستحقه هذا الشعب المتعب، وأن تكون الغاية النهائية هي عودة من أنهكهم القلق إلى حضن سورية ليعيشوا بطمأنينة وكرامة وأمل.