الحرية – مها سلطان:
تستمر الدبلوماسية السورية في تحقيق اختراقات بارزة على مستوى العلاقات الخارجية بجانبيها الإقليمي والدولي، وآخرها مروحة من اللقاءات المهمة التي يجريها وزير الخارجية أسعد الشيباني على هامش مشاركته في منتدى السلام المنعقد في العاصمة النرويجية أوسلو.
ومن ضمن ذلك لقاؤه أمس مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الذي أكد وقوف بلاده إلى جانب سوريا وشعبها، مُستمعاً لشرح من الشيباني عن تطورات الأوضاع في سوريا والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها.
اللقاء بين الشيباني وعبد العاطي كان مهماً ولافتاً في مرحلة تراوح فيها العلاقات السورية- المصرية عند نقطة محددة، من دون أن تشهد بوادر تقدم.
اللافت أيضاً كان دخول صحيفة «أزفستيا» الروسية على خط الدبلوماسية السورية النشطة في أوسلو، لتعيد العلاقات الروسية السورية إلى دائرة الضوء عبر الحديث مجدداً عن زيارة الشيباني لموسكو، بعد أن كان تلقى دعوة رسمية من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى زيارته تركيا في أواخر أيار الماضي، علماً أن الجانب السوري لم يعلق على هذه الدعوة حتى الآن.
لذلك فإن الزيارة ما زالت ضمن دائرة «قد» بمعنى أنها قد تحدث وقد لا تحدث، في الوقت الذي تسعى فيه روسيا إلى تسريع التقارب مع القيادة السورية الجديدة خصوصاً في ظل التطورات المفصلية المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية والتي بمجملها ليست في مصلحة روسيا ومصالحها في سوريا، وهذا بدوره ينسحب حكماً على مكانتها ومصالحها في المنطقة.
الصحيفة الروسية نقلت عما سمته مصدراً مطلعاً أنّ الشيباني قد يزور روسيا، مشيرة إلى أن الجانب السوري يبحث إمكانية هذه الزيارة، لكنها لم تتحدث عن موعد محدد لها.
ونشرت الصحيفة رأياً للباحث في مركز دراسات القضايا العامة للمشرق المعاصر بمعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير أحمدوف، أكد فيه أن زيارة الشيباني لموسكو «ليست واردة فحسب، بل ضرورية أيضاً في الظروف الراهنة» معتبراً أن هذه الزيارة «مهمة بالدرجة الأولى لسوريا نفسها التي تمر بمرحلة حرجة، ولكنها مهمة بالنسبة إلينا أيضاً من وجهة نظر الحفاظ على مواقع صامدة في المنطقة، بما في ذلك من جهة وجودنا العسكري».
واعتبر المستشرق ليونيد تسوكانوف هو الآخر، أن زيارة الشيباني لموسكو تبدو واقعية ومنطقية في سياق الإستراتيجية الروسية الحالية في الشرق الأوسط، قائلاً: «لا عقبات جدية أمام مثل هذه الزيارة، إذ يتلخص النهج الروسي في المنطقة جزئياً بتبني مقاربة متزنة والقدرة على إقامة حوار متعدد الاتجاهات مع مختلف القوى السياسية».
ولفت إلى أن دمشق لاتزال معنية بالحفاظ على العلاقات الإستراتيجية مع موسكو والدفع بها، ومع ذلك، أقر تسوكانوف بأن مواقف الحكومة السورية الجديدة حيال موسكو تتسم بالفتور مع هيمنة التوجه نحو تعميق الحوار مع الولايات المتحدة وأوروبا، ما يقلل المجال للمناورة أمام روسيا.
وتحدثت «إزفستيا» عما سمته مواقف بين موسكو ودمشق لا تخلو من تباينات خرجت ملامحها إلى العلن في الأسابيع الأخيرة، بعد أن صرّحت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بأن موسكو تنتظر من السلطات السورية الجديدة خطوات نشطة نحو حلّ مشكلة المقاتلين الأجانب، مشيرة إلى وجوب « ألّا يكون هناك مكان في سوريا لأشخاص تلطخت أيديهم بالدماء ولا يمتون إلى الشعب السوري بصلة» في إشارة إلى عناصر «الحزب الإسلامي التركستاني» المحظور في روسيا.
موسكو تنتظر زيارة الشيباني وتقر بضيق هامش المناورة في ظل الإقبال الدولي على سوريا

Leave a Comment
Leave a Comment