الحرية- يسرى المصري:
بشكل واضح تبلور اليوم الموقف الأميركي نحو ضرورة عودة الاستقرار الشامل إلى سوريا، وتشجيع الدول الأخرى على التعاون معها.
فبعد ترقب دام لأكثر من 3 أشهر، وفي خطوة وصفت بأنها تحول مهم بتاريخ سوريا، تم الاتفاق بمباركة ودعم أميركي على دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية في شمالي شرقي سوريا ضمن مؤسسات الدولة السورية بما في ذلك المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.
ويمكن القول أن قسد باتت على أيام لدمج قواتها ضمن وزارة الدفاع السورية تحت مسمى “الفيلق 76″، الذي يلتزم بتنفيذ المهام الموكلة إليه في كافة أنحاء البلاد، في حين سينتشر جزء آخر من قواته على الحدود لتعزيز الأمن والاستقرار.
إلغاء حراقات النفط شرقي البلاد ونقل صهاريج النفط الخام لمصافي الدولة السورية
وفي المشهد الاقتصادي الذي يشوبه الكثير من الدخان الناتج عن أزمات اقتصادية ومالية والعقوبات وتراجع الإنتاج وأكثر باتت تلوح تحركات جديدة بالأفق تحدد ملامح لمشهد اقتصادي جديد يرى فيه إلغاء كافة حراقات النفط شرقي البلاد، ونقل جميع صهاريج النفط الخام إلى مصافي الدولة السورية.
ويحق القول أن الاتفاق تاريخي بامتياز لأنه تجاوز تداعيات ومحاولات فكرة نشوب حرب مدمرة على الاقتصاد السوري.
وفي القراءة الاقتصادية للاتفاق نجد في أول السطر الاستفادة من الترخيص الخاص بالإدارة الذاتية من قانون قيصر.
والإسهام في تجميد عقوبات الاتحاد الأوروبي بشكل فعال.
وتجاوز مشكلة الإمدادات النفطية والكهرباء عبر استجرارها وجلبها من مناطق الإدارة الذاتية.
وصولاً الى منح الحكومة السورية شرعية دولية، وهذا يدعم تعليق العقوبات لستة أشهر إضافية.
ولعل السؤال كيف سيسهم الاتفاق بتحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد و”هذا أمر محسوم”، لكن نسبة التحسن تظل متوقفة على مدى مساهمة المجتمع الدولي برفع العقوبات لتحقيق وتيسير هذه الانفراجة.
ولا شك أن الإعلان الذي صدر بالأمس عن تشكيل لجان تنفيذية تشرف على تطبيق الاتفاق بات واقعياً مظلة سياسية، لتطبيق وإنجاح الاتفاق اقتصادياً وأمنياً.
ولعل المواطن السوري في المحافظات كافة بات يتلمس تحقق تحسن في الكهرباء وتوفر مشتقات النفط والعديد من المنافع لقطاع الطاقة على المدى القريب، إذ أصبح بالإمكان “تأمين النفط والغاز من مناطق الإدارة الذاتية المُعفاة والمُستثناة من قانون قيصر عبر استغلال تعليق بعض العقوبات، مما يتيح بيع النفط إلى الخارج وتوفيره للداخل، وبالتالي تشجيع الدول الأخرى على التعاون مع سوريا”.
وثمة إمكانية أيضاً للاستفادة من تعليق العقوبات على البنك المركزي، والسماح بالتعامل معه لتأمين قطع الغيار لمؤسسات البنية التحتية وتحديداً الكهرباء.
ويمكن الذهاب الى أن الاتفاق وفر الإمكانية لتأمين المحروقات لسوريا بشكل أفضل في المرحلة المقبلة، لكن للحصول على أفضل النتائج وأكبر المنافع من الاتفاق ولعلها خطوة أخرى على طريق رفع كامل للعقوبات، لأن رفعها يتيح للشركات الكبرى -الأميركية بشكل خاص- الدخول إلى سوريا والعمل على تحسين كل الطاقات الإنتاجية للآبار النفطية.
الاتفاق أتاح للحكومة السورية الإمكانية لاستجرار الكهرباء وتوليدها لكافة محافظات البلاد، غير أن ذلك يحتاج إلى توفير الأموال اللازمة، لأن عملية استجرار وجلب الكهرباء ستكون مكلفة، الأمر الذي يجب أخذه بعين الاعتبار.
تأمين المورد الغذائي لكافة أنحاء سوريا العام المقبل.. وخاصة مادة القمح الغنية بها مناطق شمال شرقي سوريا
وعلى سطر جديد يدفع الاتفاق باتجاه تأمين المورد الغذائي لكافة أنحاء سوريا خلال العام المقبل على الأقل، وخاصة مادة القمح الغنية بها مناطق شمالي شرقي سوريا.
وبما ينعكس على تحسين إيرادات الحكومة والتي كانت تُستنزف سابقاً في توفير المحروقات والمواد الغذائية.
وعلى تأمين الاستقرار النقدي، لوجود كتلة مالية ضخمة جداً من النقد المحلي والأجنبي في مناطق الإدارة الذاتية.
إن نجاح هذا الاتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية يسهم على المدى الطويل في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد بالاعتماد على الإنتاج المحلي، ويحسن من الاحتياطي النقدي.
والوفرة في مادة القمح بعد الاتفاق تعني أولاً تأمين مادة الخبز بصورة أكبر، وبالتالي انخفاض سعرها بعد أن سجل ارتفاعاً في الشهور الأخيرة، وثانياً تأمين مادة الشعير الضرورية للثروة الحيوانية، والتي كانت في السابق تستورد من مناطق قسد المنتج الأول لها”.
وكان إنتاج سوريا من مادة القمح تجاوز في عام 2010 حاجز 3 ملايين طن سنويا، لكنه انخفض تدريجياً في السنوات اللاحقة ليصل مع عام 2024 إلى 720 ألف طن فقط، في حين قدّرت مصادر حكومية حاجة البلاد من المادة بـ2.5 مليون طن سنويا.