مياه الصرف الصحي تستبيح الأراضي الزراعية والأودية المغذّية ‏للسدود في السويداء.. والسبب غياب محطات المعالجة

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- طلال الكفيري:‌‎ ‎

لا تزال أغلب قرى وبلدات السويداء” كالثعلة- الأصلحة- عرمان- سهوة ‏الخضر – صلخد- عوس الخ”، ترزح وللأسف تحت وطأة واقع بيئي مزرٍ ‏للغاية، نتيجة لمياه الصرف الصحي المتجمعة في الأراضي الزراعية ‏لهذه القرى، أو في الأودية المارة وسطها، والمتتبع لهذا الواقع البيئي ‏سيلحظ أنه أخذ في التفاقم يوماً بعد يوم، لعدم معالجة هذه المشكلة من قبل ‏المعنيين في حكومة النظام المخلوع، الأمر الذي أبقاها هاجس الأهالي ‏الأوحد في هذه القرى والبلدات‎.‎

تلويث للأراضي الزراعية

عدد من الأهالي أشاروا لصحيفتنا (الحرية) إلى أن مشكلة المياه الآسنة ‏مُلازمة لهم منذ أكثر من عشرين عاماً، وعلى الرغم من المطالبات ‏المتكررة لمعنيي المحافظة السابقين بضرورة إيجاد حلٍ جذري لهذه ‏المشكلة، إلا أن الحلول لم تخرج وللأسف من قاعة الاجتماع للتنفيذ ‏العملي، فأرض المحافظة حتى هذا التاريخ ما زالت خالية من محطات ‏معالجة، وليقتصر العمل فقط على تنفيذ خطوط للصرف الصحي، وهي ‏بالتأكيد خطوة منقوصة ما لم تقترن بتنفيذ محطات معالجة، لأن النهاية ‏الحتمية لهذه المياه ستكون الأودية المغذية للسدود أو الأراضي ‏الزراعية، التي تحولت إلى مصبات دائمة للمياه الملوثة، ما أدى إلى ‏خروج عشرات الدونمات الزراعية من دائرة الإنتاج الزراعي، بسبب ‏عدم مقدرة مالكيها من الفلاحين على فلاحتها وزراعتها، بينما المسألة ‏الأخطر هي ما باتت تشكله هذه المياه من قلقٍ وإزعاج للأهالي، من ‏جراء ما يصدر عنها من روائح كريهة وحشرات ضارة كالذباب ‏والبعوض‎.‎

ولم يخفِ قاطنو هذه القرى والبلدات تذمرهم من هذا الواقع الذي تعود ‏أسبابه إلى عدم قيام وزارة الموارد المائية في حكومة النظام البائد، ‏بإحداث محطات معالجة في مدن المحافظة الرئيسية “السويداء- شهبا- ‏صلخد‎” ‎

ولسان حالهم يسأل؛ ما دامت خطوط الصرف الصحي والتي أنفق على ‏تنفيذها مئات الملايين من الليرات لا تحمي البيئة من التلوث، فلماذا لا ‏تكتمل هذه الخطوة بمحطات المعالجة لكون تنفيذ مشروعات للصرف ‏الصحي من دون محطات معالجة كمن ينفخ في قربة مثقوبة ؟.‏

سقاية المزروعات

عدد من المهتمين بالشأن البيئي أشاروا لصحيفتنا (الحرية) إلى أن هذه ‏المياه وبسبب ديمومتها أصبحت مصدراً إروائياً دائماً للخضر الصيفية، ‏التي تُزرع ضمن الأراضي القريبة من وادي الثعلة، أو إلى الغرب من ‏مدينة السويداء، كحال حي الجولان، وبالتالي الرمي بإنتاج هذه ‏المزروعات في الأسواق المحلية، ليتم شراؤها من قبل المواطنين دون ‏أن يُدرك هؤلاء مدى الخطورة التي تكمن بها، نتيجةً ما تحمله هذه ‏الخضر المروية من المياه المُلوثة من أخطار على صحة مستهلكيها، ‏ومنهم كذلك من يقوم بإرواء أشجاره المثمرة من هذه المياه.‏

ماذا يقول رؤساء الوحدات الإدارية؟‎ ‎

رئيس بلدية الثعلة مازن حسون ذكر لصحيفتنا (الحرية) أن مياه الصرف ‏الصحي المُتجمعة بوادي الثعلة البالغ طوله حوالي ٢٠ كم والمار بعدة ‏قرى في الريف الغربي، أدت إلى تلويث الأراضي الزراعية خاصة ‏المحاذية للوادي، إضافة لتلويث هواء البلدة جراء الروائح الكريهة ‏الناتجة عن هذه المياه والحشرات الضارة ولاسيما الذباب والبعوض، ‏مضيفاً إن الحل الدائم لهذه المشكلة يكمن بإحداث محطة لمعالجة مياه ‏الصرف الصحي غرب مدينة السويداء، وحالياً تقوم البلدية بإجراء حلٍ ‏إسعافي يقضي بقيام البلدية برش مجرى الوادي بالأدوية، وهذا صراحة ‏مكلف للغاية ويحّمل البلدية تكاليف عالية، وبالنسبة لسقاية المزروعات ‏بمياه الصرف الصحي تمنى حسون تشكيل لجنة مهمتها مراقبة ‏المزروعات المروية من مياه الصرف الصحي ليصار إلى حراثتها، ‏والحيلولة دون دخولها الأسواق المحلية‎.‎

مدير الشؤون الفنية بمجلس مدينة السويداء المهندس حسام كيوان أشار ‏إلى أن حل مشكلة الصرف الصحي على ساحة المحافظة بشكلٍ عام، ‏يكمن بإحداث محطات معالجة في مدن المحافظة الرئيسية، مضيفاً: ‏بالنسبة لمحطة معالجة مدينة السويداء فالدراسة معدة من قبل الوزارة ‏المعنية منذ عام ١٩٨٨ إلا أن هذه الدراسة لم يعمل بها حينها، ما أدى ‏إلى إعادة الدراسة عام ٢٠٠٩ مع العلم أن هذه الدراسة ولو تم تنفيذ ‏المحطة كان باستطاعتها أن تغطي وارد الصرف الصحي حتى عام ‌‏2022، والتكلفة التقديرية للمحطة عام 2011 كان نحو مليار ليرة ‏سورية بينما تكلفتها حالياً تفوق الـ 15 مليار ليرة‎.‎

مدير شؤون البيئة في السويداء المهندس رفعت خضر أشار إلى أنه نتيجةً ‏للخطر المُحدق بالمسطحات المائية، ولاسيما الآبار الجوفية والينابيع ‏والسدود، تقترح مديرية شؤون البيئة وبهدف حمايتها من التلوث، ‏بالإسراع بإحداث محطات معالجة لمياه الصرف الصحي على ساحة ‏المحافظة‎.‎

Leave a Comment
آخر الأخبار