نظام “سويفت” فرصة لإعادة تموضع الاقتصاد السوري على الساحة الدولية واستعادة دور المؤسسات المصرفية

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرّية- هبا علي أحمد:
تأخذ التصريحات الصادرة عن المؤسسات الاقتصادية والقائمين عليها حيّزاً واسعاً من التحليل، ولاسيما المرتبطة بعودة سوريا إلى المؤسسات الدولية سواء الاقتصادية/ المالية، أو السياسية وغيرها، والتي أتت نتيجة حتمية بعد رفع العقوبات، وكان لافتاً في السياق تصريح حاكم مصرف سوريا المركزي حول إعادة ربط سوريا بنظام المدفوعات الدولية «سويفت» خلال أسابيع، فماذا تعني هذه الخطوة؟ وما مدى انعكاسها على الاقتصاد السوري؟

رفع القيود المالية يعني إمكانية الوصول إلى شبكات التمويل العربية والعالمية ويعزز التعاون بين المصارف السورية ونظيراتها الدولية

يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، في تصريح لصحيفة «الحرّية» أنه بعد سنوات من العقوبات الاقتصادية التي قيّدت الحركة المالية وأثّرت على النظام المصرفي السوري، يأتي رفع العقوبات وتشغيل نظام SWIFT كفرصة كبيرة لإعادة تموضع الاقتصاد السوري على الساحة الدولية واستعادة دور المؤسسات المصرفية في تحفيز النمو الاقتصادي، لكن الاستفادة من هذه الفرصة تعتمد على اتخاذ خطوات إصلاحية جذرية لضمان تحقيق انتعاش اقتصادي مستدام.

إمكانية استخدام نظام SWIFT ستعيد الثقة في العمليات المالية الدولية وتسهل التحويلات المالية بين سوريا والدول الأخرى

الفوائد المحتملة

وأشار قوشجي إلى الفوائد المصرفية المحتملة بعد رفع العقوبات، منها:
– إعادة الاندماج في الأسواق الدولية، إذ إن رفع القيود المالية يعني إمكانية الوصول إلى شبكات التمويل العربية والعالمية، ما يعزز التعاون بين المصارف السورية ونظيراتها الدولية.
– تحسن سعر صرف الليرة السورية مع زيادة التدفقات المالية والاستثمارات عبر الجهاز المصرفي، يمكن أن تشهد الليرة السورية تحسناً تدريجياً في قيمتها مقابل العملات الأجنبية، أضف إليه إمكانية جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، فالمستثمرون العرب والأجانب أصبحوا قادرين على دخول السوق السوري دون مخاطر قانونية أو مالية، ما يساعد في خلق فرص عمل جديدة ودعم القطاعات الإنتاجية، إلى جانب استعادة القدرة على التعامل مع النظام المالي الدولي، حيث إنّ إمكانية استخدام نظام SWIFT ستعيد الثقة في العمليات المالية الدولية وتسهل التحويلات المالية بين سوريا والدول الأخرى.
– تحقيق استقرار نقدي ودعم الليرة السورية، فمع تقليل الاعتماد على الأنظمة البديلة والعودة إلى القنوات المالية الرسمية، يمكن تعزيز استقرار العملة المحلية.
– تعزيز السيولة المصرفية، إذ إن إعادة تمكين البنوك السورية من التواصل مع المصارف العالمية (البنك المراسل) ستزيد من رصيد حساباتها لديهم، وهذا يعزز البنوك السورية على التمويل التجارة الخارجية من خلال التحويلات والاعتمادات المستندية، ما سيدعم حركة التجارة الخارجية وتسهل استيراد وتصدير السلع، ويحفز القطاعات الاقتصادية المختلفة، وفقاً لقوشجي.
– تحسين الخدمات المصرفية والتكنولوجيا المالية، فمع انفتاح المصارف على النظم المالية الحديثة، يُمكن أن تشهد البلاد تطوراً كبيراً في استخدام التكنولوجيا المالية، مثل أنظمة الدفع الإلكتروني والخدمات البنكية الرقمية، إلى جانب إعادة بناء الثقة في النظام المصرفي، إذ إن التفاعل مع الأسواق الخارجية بطريقة شفافة وفعالة سيعيد الثقة لدى المستثمرين المحليين والأجانب، وفقاً لقوشجي.

تفعيل “سويفت” يجب أن يترافق مع إصلاحات شاملة للنظام المصرفي والاقتصادي

مقترحات

ربطاً بما سبق فإن إعادة تفعيل نظام SWIFT ورفع العقوبات يعني أن الاقتصاد السوري خرج من القيود والسجن، ولكنه منهك ومدمر بشكل كبير وعميق وتعافيه يتطلب إصلاح النظام المصرفي أو النظام النقدي بالكامل بما يتوافق مع النظام الاقتصادي الذي يجب إعادة هيكلته بما يتناسب مع الاقتصاد الحر والأسواق التنافسية، كما لفت قوشجي، مُقترحاً في السياق إعادة تطوير النظام النقدي بشكل كامل، أي يجب تحديث التشريعات النقدية وتفعيل السياسة النقدية لضمان المرونة والاستجابة للمتغيرات الدولية، إعادة صياغة نظام عمليات مصرف سورية المركزي بما يتناسب مع الاقتصاد الحر وتحرير النظام المصرفي، الأمر الذي يُسهم في تحسين قدرة المصارف على المنافسة وجذب الاستثمارات.
كما يقترح الخبير المصرفي دمج المصارف العامة وخصخصتها بمصرفين عملاقين مساهمين وإدراجهما في سوق دمشق للأوراق المالية لتأمين السيولة اللازمة لتمويل إعادة إعمار البنية التحتية وعدم الاعتماد على القروض والديون وتكون خطوة نحو تعزيز الكفاءة المصرفية وتوفير بيئة تنافسية أكثر استقراراً، إضافة إلى العمل بالسياسة النقدية والمالية لضبط التضخم وتثبيت سعر الصرف ضبط التضخم سيكون ضرورياً للحفاظ على القوة الشرائية وتحقيق الاستقرار المالي.

كما إن التحول إلى الدفع الإلكتروني بعد ضبط إدارة النقود بشكل شفاف يُعد من بين المقترحات، حيث إن اعتماد آليات دفع رقمية سيخفف من التعامل النقدي المباشر ويسهم في مكافحة الفساد، إلى جانب منع التداول الموازي للعملات الأجنبية وتعزيز استخدام الليرة في المعاملات اليومية وتقليل الاعتماد على العملات الأجنبية يعزز الثقة بالعملة الوطنية ويدعم الاستقرار الاقتصادي.
بالمحصلة، فإن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا وتفعيل نظام SWIFT يمثل نقطة تحول مهمة، لكنه ليس حلاً سحرياً، ولتحقيق أقصى استفادة، يجب أن ترافق هذه المرحلة إصلاحات شاملة للنظام المصرفي والاقتصادي، تضمن نمواً مستداماً وتحقيق الاستقرار المالي على المدى الطويل.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار