الحرية – محمد فرحة:
إنها فرصة قد لا تتكرر، وقد سبقتها العديد من الفرص طوال العقد الماضي وما سبقه، لإنقاذ البيئة وتحسين واقع النفايات الصلبة التي تلقى هنا وهناك وعلى قارعة الطرقات ملحقة التلوث البيئي الذي نتنشّقه، لكن عبثاً ما فعلته الحكومات السابقة، فبدلاً من إحداث وزارة للبيئة تم لصقها بوزارة الإدارة المحلية، فلا أفلحت هذه وغابت تلك وازداد الوضع البيئي سوءاً من دون أن ينتبه إليه أحد.
فعندما نقول الواقع البيئي، يُقصد به كل ما يتعلق بالأثر البيئي وما له دور بذلك، بدءاً من المتغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وسخونة الأرض وانتهاء بالعبث البشري بالطبيعة ورمي المخلفات بمختلف أشكالها وأنواعها في مواقع لا يجوز إلقاؤها بها.
في هذا الصَّدد، لوّح السكرتير العام لمؤتمر قمم الأرض التي كانت ومازالت تعقد، إلى ضرورة إسهام البشر في تحسين البيئة والأرض وعدم العبث بها من الدمار الذي وصل لمرحلة أمسى إصلاحه غاية في الصعوبة، في الوقت الذي كانت فيه الفرصة مواتية قبل سنوات عندنا هنا في سوريا، كما سبقَنا غيرنا.
لم تولِ وزارة الإدارة المحلية أي اهتمام بالشأن البيئي على صعيد المكبات الصحية ولا على صعيد الثقافة البيئية التوعوية، رغم وجود مديريات للبيئة في كل محافظة والتي كانت على هيئة صورية، انحصر دورها في الاحتفال السنوي في يوم البيئة العربي أو السوري.
الأثر البيئي يبدأ بإزالة الغابات سواء كان بقطعها أو بحرقها، وكلنا رأى كيف النار تأكل غاباتنا في مختلف المحافظات الحراجية، كالساحل وحمص وحماة، في الوقت الذي ظلت فيه هذه الغابات عرضة للنهب والاحتطاب الجائر على مدى العقد الماضي.
في هذه الأثناء يشكو بيئيون من تقهقر الواقع البيئي ومن غياب استثمار النفايات الصلبة وتدويرها حفاظاً على التربة وعلى تلوثها وما قد ينتج عن ذلك.
كيف يمكن ترميم وإحياء ما تم تدميره بيئياً؟
المسألة لا تحتاج مزيداً من التفكير، فإحياء الطبيعة في غاباتنا وجبالنا الخلابة التي انقرضت أشجار بعضها، إما من جراء موجات الجفاف المتلاحقة وإما بسبب الحرائق وقطعها بسبب نهم الإنسان المعاصر ونظرته القاصرة للطبيعة.
الجواب عن السؤال هو احترام الطبيعة بكل مكوناتها، المائية والزراعية والحراجية.
والمطلوب اليوم قبل الغد الحفاظ على مصادر الحياة والتي من دونها لا يمكن العيش، كالماء والغذاء ونظافة البيئة، هل نأخذ الحكمة من أفواه المجانين؟
لقد قام رجل في الهملايا يسمونه مجنوناً بزراعة غابة كاملة مكان غابة منقرضة لتغدو اليوم من أجمل الغابات ويطلقون عليها غابة المجنون.
إننا بحاجة حقاً لأخذ الحكمة من اهتمام الآخرين على النحو الجميل والنبيل، لعلنا نتمكن من إنقاذ بيئتنا وأرضنا سليمة معافاة.
مناشدة عاجلة من وحدة مياه مصياف
خير ما نختم به موضوعنا؛ فحوى الرسالة التي ناشد بها مدير وحدة مياه مصياف المهندس عيسى يوسف طالباً فيها من الإخوة المواطنين التعقل في الاستخدامات المائية وعدم استخدام مياه الشرب لسقاية المزروعات وغسيل السيارات، في وقت هناك العديد من البشر ينتظرونها ليشربوا.
وزاد المهندس يوسف في طلبه ورجائه بأن يقدر المواطن حالة الجفاف التي أدت إلى غياب مياه العديد من آبار مياه الشرب ومازلنا في بداية فصل الصيف، منوهاً بخروج عدة آبار من الخدمة.
كل ذلك سيكون له التأثير الكبير على الواقع المائي والبيئي، فغياب المياه يزيد طين قساوة الشأن البيئي بلة، وكذلك حرائق الغابات وإلقاء النفايات بمختلف أشكالها وأنواعها في مكبات غير نظامية وسط الغابات، وللتخلص منها يلجأ المعنيون إلى إحراقها، وبذلك تكون الضريبة ضريبتين، الأولى أن النار تطول الحراج والغابات، والثانية تلوث البيئة.
فهل نرى إجراءات صارمة تحافظ على الواقع البيئي والمائي وشأن الغابات؟ أسئلة كثيرة تدور حول ذلك.