إلغاء قانون قيصر نقطة مفصلية سياسية ودبلوماسية

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- ثناء عليان
أدرج مجلس الشيوخ تعديلًا نصه الصريح: “يُلغى قانون قيصر لسنة 2019”، وصوّت المجلس على مشروع ميزانية الدفاع في جلسة تشرين الأول بأغلبية كبيرة، الخطوة تمثّل تقدّماً تشريعياً مهماً حسب ما أكد الخبير الاقتصادي علي إسماعيل- نائب رئيس مجلس النهضة السوري في تصريحه لـ”الحرية”.

النص واضح لغوياً وبنائياً

ولفت إلى أن نصّ التعديل واضح لغوياً وبنائياً فعبارة واحدة مبسَّطة تُعلن «إلغاء قانون قيصر»، أي شطب الإطار التشريعي الذي فرض مجموعة من العقوبات الثانوية والإجراءات، التي كانت تستهدف جهات وأفراداً متورطين في دعم منظومة القمع والإعادة الإعمار تحت عنوان مساءلة الانتهاكات، كون الصياغة مباشرة يعني أن النية التشريعية في مجلس الشيوخ كانت إلغاء الآلية التشريعية نفسها وليس مجرد تعليق مؤقت.
لكن -يضيف إسماعيل- النصّ التشريعي الواحد لا يلغِي بالضرورة كل الممارسات الإجرائية واللوائح التنفيذية فوراً، لأن ذلك يتطلب تنفيذًاً إدارياً من الأجهزة التنفيذية (خاصة وزارة الخزانة / OFAC ودوائر الدولة) لتعديل القوائم واللوائح.

قراءة سياسية

وفي قراءة سياسيّة عن أسباب إقدام مجلس الشيوخ على خطوة من هذا النوع الآن، قال إسماعيل: تغيرت معطيات السياسة الخارجية الأميركية خلال عام 2025، بما في ذلك لقاءات دبلوماسية رفيعة مع القيادة السورية، وإصدار قرارات تنفيذية لتخفيف القيود، ما أوجد أرضية سياسية لخطوات تشريعية مواكِبة.
لافتاً إلى أن صنّاع القرار يرون أن إعطاء فرصة لإعادة إعمار سوريا يخدم الاستقرار الإقليمي ويقلّل من نفوذ روسيا وإيران.
وتقارب الأصوات بين سيناتورين من توجهات مختلفة (مثلاً مقترحات مشتركة سابقة من سيناتورين من أجنحة مختلفة) يُشير إلى محاولة بناء إجماع تشريعي.

ردود الفعل الأولية

وأشار إلى أن دمشق استقبَلت الخطوة بترحيب معلَن عبر وسائلها الرسميّة، معتبرةً أنها «خطوة تاريخية» تفتح الباب أمام إعادة الإعمار وعودة النازحين، التصريحات الحكومية الرسمية أوردت ذلك فور إعلان نتيجة جلسة الـNDAA.

سيناريوهات محتملة

وعن السيناريوهات المحتملة لتطبيق رفع العقوبات والآثار المتوقعة أكد إسماعيل أنه إذا توافقت نسخة النواب مع الشيوخ أو قبِلها المشرّعون في لجنة التوفيق ثم وقّعها الرئيس، سيصبح الإلغاء قانوناً. تنفيذياً، وستبدأ إدارياً عمليات مراجعة لوائح وقوائم ورفع القيود المنصوص عليها في قانون قيصر، وهذا سينشّط سوقاً أولية لإعادة تقييم المشاريع الكبرى وإشعاع الاستثمارات لكنّ ثقة السوق لن تُستعاد بين عشية وضحاها.
وقد تُعرِض نسخة النواب أو شروط تنفيذية أو آليات احتياطية (مثل آلية إعادة فرض سريعة إذا لم تُحَقّق دمشق شروطًا محددة)، وهذا سيحوّل الإلغاء إلى تخفيف مشروط، وهو احتمال مرتفع بالنظر إلى حساسية الموضوع داخل بعض أجنحة الكونغرس ومنظمات الحقوق.
وحتى قبل الإلغاء التشريعي، الإدارة قد تواصل سياسات تخفيف عقابية عبر أوامر تنفيذية وتصاريح عامة، وهو ما حدث فعلاً خلال الصيف، في هذه الحالة، الإجراء التشريعي يصبح «تثبيتًا» لواقع تنفيذي سبق وإن طُبّق جزئياً.

نقطة مفصلية

واختتم مؤكداً أن القرار البرلماني الأخير في مجلس الشيوخ يُعدّ نقطة مفصلية سياسية وتعبيراً عن واقع دبلوماسي جديد، لكنه ليس «نهاية المسار» ولا يعني تلقائياً إزالة كل آليات الضغط أو اختفاء المخاطر القانونية أو المصارفية على استثمار سريع في سوريا.
مضيفاً: الأثر الحقيقي سيحدده ثلاثي: (أ) مضمون النسخة النهائية عند التوفيق بين المجلسين، (ب) ممارسات الإدارة التنفيذية (OFAC، الخزانة، والبيت الأبيض) في ترجمة الإلغاء لوائحياً، و(ج) قدرة منظمات حقوق الإنسان والجهات الدولية على فرض شروط محاسبة ومتابعة، أي قارئ يقيس تطوّراً فيها يجب أن يفرّق بدقّة بين: إلغاء إطار تشريعي، تخفيض إداري، وإزالة شاملة لقوائم فردية.

المراقبة الفورية

ودعا إسماعيل المتابعين من (صحفيين، باحثين، مستثمرين) بالمراقبة الفورية لنصّ إصدار اللجنة المختصّة في مجلس النواب وردّه على تعديل الشيوخ، ومراقبة بيانات OFAC ووزارة الخزانة والبيت الأبيض خلال الأيام والأسابيع التالية، لأنّ التطبيق التنفيذي سيُحدّد مدى إلغاء القواعد، كما يجب مراقبة مواقف منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية حول آليات المساءلة والعدالة الانتقالية، وتشريعات أو تعديلات متقاطعة (مثلاً قوانين محاربة غسيل الأموال أو تصدير الأسلحة)، التي قد تُبقي قيوداً عملية حتى بعد الإلغاء التشريعي.

Leave a Comment
آخر الأخبار