هل سوريا بمنأى عن حرب الرسوم التجارية العالمية..؟ خبير اقتصادي: اعتماد منهج اقتصاد السوق الحر جيد ويتطلب التركيز على الإنتاج الزراعي والصناعي

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- حسام قره باش:

ليس جديداً ما يفعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من رفع الرسوم الجمركية بقيم محددة على البضائع الصينية والأوروبية، فقد أعلنها خلال ولايته الأولى حرباً تجارية بكل معنى الكلمة، لأنها تعد سابقة في تاريخ الشعوب.
وعلى ما يبدو فإن ترامب الاقتصادي، يركز جلُّ اهتمامه الآن على إعادة قوة الدولار العالمية (كصدمة نيكسون إنما بقبضة تايسون) رغم أن الدولار لم يتزحزح عن عرش العملات، حسب توضيح الخبير الاقتصادي الدكتور علي المحمد لصحيفة “الحرية”.

تجارية أم سياسية
ووفقاً للمحمد فإن ما يؤرق ترامب اليوم هو التنافس الدولي، وتحديداً مع الصين التي تغزو بضائعها الرخيصة العالم والسوق الأمريكية، ولهذا قرر رفع الرسوم الجمركية عليها منذ ولايته السابقة، والآن يتبع نفس الأسلوب مع الدول التي يوجد معها بازارات سياسية، إنما من الناحية الاقتصادية يحق له في ضوء السياسة المالية رفع الرسوم الجمركية لأقصى حد ممكن إذا أراد حماية صناعته الوطنية، كما يحق له جعلها صفرية مع بعض الدول التي عقد معها اتفاقيات ثنائية وميزانه التجاري معها فائض لمصلحته أو يحقق الاكتفاء ببعض المستوردات التي لا تُلبى محلياً.
ويرى أن ترامب يجبر أغلب الدول على اقتناء الدولار من خلال تصريحه بأن الذي سيشتري بضائعه بغير الدولار، سيخسر الولايات المتحدة الأمريكية كشريك تجاري، وهو بذلك يستبق الأمر لضرب عملة “بريكس” التي يجري الحديث عنها بشكل أو بآخر، ومن المعروف بأدبيات الاقتصاد أنه ” كلما زاد الطلب على العملة ترتفع قيمتها وتزداد قوتها”، فهو يتبع بذلك مزيجاً اقتصادياً بأسلوب مالي محكم، وليس صحيحاً من يعتبره خرفاً أو ساذجاً حتى باتخاذه القرارات ثم التراجع عنها كون الأمر مدروس بقوة حسب توقع المحمد.

سوريا خارج اللعبة
تعتبر الرسوم الجمركية أداة لدعم الخزينة العامة للدولة، والإدارة السورية الجديدة تقوم باستمرار بدراسة الرسوم الجمركية دراسات متتالية للرسوم التي وضعتها منذ فترة، وطالما أنها تسير باقتصاد السوق الحر، يؤكد الدكتور علي أنه يجب علينا الاهتمام بشق الإنتاج، لأن إنتاجنا معطل ونحن دولة من المفترض أن يكون لها إنتاج زراعي وصناعي، وإذا بقينا نخفِّض رسومنا الجمركية فستنساب البضائع إلينا  بتكلفة منخفضة أيضاً من الصين وتركيا وغيرهما، مضيفاً بأن أي تصرف بالرسوم الجمركية بين الدول يؤذي هذه الدول، فإذا ما رفعت الصين رسومها على البضائع الأمريكية التي لها علاقة ببعض مدخلات الإنتاج في الصين والتي بدورنا نشتريها نحن من الصين، فستؤثر علينا بالمحصلة، رغم أن الصين ترفع رسوم ما تعتبره كمالياً، وليس له بديل في أسواق أخرى، فيكون عملياً إجراءً سياسياً من قبيل المعاملة بالمثل، إذ إن الصين سترفع رسومها أيضاً على البضائع الأمريكية، فترتفع التكلفة لدى الصين، وبالتالي على المواد التي تأتينا منها، وهنا يأتي دورنا بوضع رسم جمركي عليها فتصبح بتكلفة عادية، لذلك خلاصة القول نحن بمنأى عن مهاترات هذه الحرب التجارية باستثناء بعض المواد التي مدخلات إنتاجها أمريكية.

منهج ومسار جيد
في سياق آخر، يستغرب المحمد انتقاد البعض للتوجه الحكومي نحو اقتصاد السوق الحر، وبرأيه يجب احترام ودعم التوجه الاقتصادي الجديد للحكومة بعد سقوط النظام البائد، محذراً بذات الوقت من الانتقال السريع إلى ذلك وتطبيق كل البنود المتعلقة به  كون الأمر صعب نوعاً ما وليس لدى الحكومة هذه النية حالياً أو القدرة على ذلك بفتح كل بنود الاقتصاد الحر الذي يعني إيجاد بنية تحتية جاهزة للإنتاج والمنافسة، علماً أن الاقتصاد يبنى على المنافسة لا الاحتكار كما يقول.
ويضيف: منهج الاقتصاد الحر جيد لكن بالمراحل الانتقالية، يحتاج الأمر للتروي والتركيز على الناحية الإنتاجية وتحقيق الاكتفاء، واليوم سوريا أمام معضلة كبيرة مع وجود 13 مليون مواطن فيها يعانون من انعدام الأمن الغذائي، إضافة إلى 3 ملايين يعانون من نقص شديد في الغذاء وفق إحصائية برنامج الغذاء العالمي، وبالتالي يتوجب علينا الاهتمام بالشق الزراعي بشكل خاص ودعم القطاع الصناعي لتحقيق الأمن الغذائي.
وقال المحمد: يجب أيضاً العمل بالتوازي على رفع الأجور وهو ما تنويه الحكومة فعلاً بعد أن وصل مستوى خط الفقر عندنا إلى 2,15 دولار، ووصول نسبة الفقر المدقع إلى 90٪ في سوريا، وعليه لا بد من تطبيق اقتصاد السوق الحر بخطوات واضحة بتضافر جهود الجميع وأن يكون هناك دراسة متوازنة بين تخفيض الرسوم الجمركية التي تعني أننا نستورد كثيراً، وبين دعم الإنتاج الذي يعد السلاح الفعال لتحقيق الإصلاح الاقتصادي.

Leave a Comment
آخر الأخبار