هوس شراء الماركات العالمية.. ترسيخ لمفهوم الرفاهية الاستعراضية

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- آلاء هشام عقدة:
تتسابق فئات كثيرة من مختلف الطبقات لشراء وارتداء الماركات العالمية من ألبسة وأحذية، ساعات وملابس… إذ لم يعد اقتناء الماركات العالمية مجرّد ذوق أو رغبة في الأناقة، بل أصبح لدى الكثيرين أسلوب حياة يعكس مكانة اجتماعية أكثر مما يعبر عن حاجة فعلية.
فالموضة، التي وُجدت لتجميل المظهر، تحولت اليوم إلى سباق محموم نحو شعار يحمل اسماً أجنبياً لامعاً، حتى لو كان الثمن فوق القدرة.

راتب شهر

في أحد متاجر الألبسة الراقية، تقول وفاء (28 عاماً)، موظفة في شركة خاصة: أدّخر من راتبي كل شهر لأشتري قطعة من ماركة معروفة، أشعر أنني أحقق شيئاً لي وحدي، وأن المظهر الجميل يعزز ثقتي بنفسي.
بينما ترى ميساء (35 عاماً)، مهندسة أن ما يجري نوع من الاستعراض الاجتماعي، موضحةً أن القيمة الحقيقية لأي شخص لاتُقاس بما يرتديه، لكن الكثيرين باتوا أسرى الصورة التي يفرضها التسويق.
تربط الباحثة الاجتماعية دعد أبوتك هذه الظاهرة بوسائل التواصل الاجتماعي التي ساهمت في ترسيخ مفهوم الرفاهية الاستعراضية، وتقول: المنصات الرقمية خلقت ضغطاً نفسياً على الشباب، إذ أصبحوا يقيسون نجاحهم بعدد العلامات التجارية التي يملكونها، لا بما يحققونه فعلياً.

سلوك الاستهلاك

أن الإقبال المفرط على الماركات يؤثر على سلوك الاستهلاك في المجتمعات النامية، ويفتح الباب أمام التقليد والتزوير، مشيراً إلى أن الشركات العالمية تتقن استغلال الجانب العاطفي في الإعلان، فترتبط الماركة بمفاهيم الجمال والنجاح والقبول الاجتماعي.
ورغم التحديات الاقتصادية التي تعيشها البلاد، لا يزال سوق الأزياء في اللاذقية ودمشق وحلب وبقية المحافظات لكن بشكل أخف وحسب محافظته يشهد طلباً متزايداً على الماركات الأصلية أو المقلدة، ما يعكس تحول الوعي الشرائي من الحاجة إلى الرغبة، ومن الجودة إلى الرمز الاجتماعي.
ويشير باعة في الأسواق إلى أن بعض الزبائن يبحثون عن الماركة حتى في المنتجات المحلية، فيُقبلون على شراء القطع التي تحمل أسماء أجنبية حتى إن لم تكن أصلية، فقط لإشباع الإحساس بالانتماء إلى طبقة مرفهة.

ظاهرة مركبة

وفي النهاية، يبقى هوس الماركات ظاهرة مركبة بين الواقع الاقتصادي والطموح الشخصي، بين الرغبة في التميز والخوف من الظهور العادي.
وبينما يرى البعض فيها متنفساً من ضغوط الحياة، يراها آخرون انعكاساً لفقدان التوازن بين الشغف والرفاهية.
ويبقى السؤال مفتوحاً:
هل الماركة تمنحنا فعلاً قيمة إضافية؟ أم إننا نحن من نصنع قيمتها بمجرد سعيِنا وراءها؟

Leave a Comment
آخر الأخبار