اعادة هيكلة المؤسسات ليست رفاهية إدارية.. بل حجر الأساس لأي استراتيجية أو تحول مؤسسي ناجح

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – محمد زكريا:

في زمن تتسارع فيه الخطط والاستراتيجيات، وتتنافس المؤسسات في رسم رؤاها المستقبلية، وهنا كثيراً ما نغفل عن سؤال بسيط لكنه جوهري، هل بنيتنا التنظيمية جاهزة لتحمل هذه الاستراتيجية؟
من هنا تأتي أهمية البدء بالهيكلية التنظيمية قبل أي خطوة في التخطيط الاستراتيجي، فالمؤسسة بلا هيكل واضح أشبه ببناء فاقد للأساس، مهما كانت تصاميمه أنيقة من الخارج.

بناء منظومة متكاملة

الخبير في التنمية الإدارية الدكتور أحمد فشول أشار إلى أن إعادة هيكلة أي مؤسسة أو شركة ليس الهدف هو مجرد رسم مخطط إداري جديد، بل بناء منظومة متكاملة قادرة على تفعيل الدور الحقيقي للمؤسسة أو الشركة المراد إعادة هيكلتها، لتكون في خدمة زبائنها، فالهيكلية لا تكون مجرد خطوط وأسهم على الورق، بل هي رؤية لتوزيع المسؤوليات، وتحريك الطاقات، وتحديد نقاط القوة التي يجب البناء عليها.

نموذج ماكنزي

وأوضح فشول لـ“الحرية” أن نموذج ماكنزي McKinsey 7S يقدم إطاراً دقيقاً لفهم هذه العلاقة بين “الهيكل” و”الاستراتيجية “، فهو يرى أن النجاح لا يتحقق بعنصر واحد، بل من خلال التكامل بين سبعة عناصر متمثلة في الهيكل، والاستراتيجية، والنظم، والقيم، والمهارات، والأسلوب، والأفراد، وتالياً فالعنصر الأكثر حسماً في البداية هو الهيكل، لأنه الجسر الذي تعبر منه الاستراتيجية إلى التنفيذ.

ضياع للمسؤوليات

ونوه فشول بأنه في ظل غياب هيكل تنظيمي واضح، يمكن أن يؤدي إلى تضيع المسؤوليات بين المستويات الإدارية، وتتداخل المهام وتضعف كفاءة المتابعة، كما يؤدي أيضاً إلى تتراجع قدرة المؤسسة على اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب، في حين يبقى الهيكل الفعّال الذي يؤدي بدوره إلى إيجاد بيئة عمل منسجمة ومتفاعلة، ويجعل الاستراتيجية قابلة للحياة لا مجرد وثيقة مؤطرة، وبالتالي يمكن أن يكون بمثابة خريطة الانسجام الداخلي، التي تضمن أن تعمل العقول والأيدي والأنظمة في اتجاه واحد.

خطط غير قابلة للتنفيذ

مضيفاً إنه للأسف بعض المؤسسات الحكومية تضع خططاً واستراتيجيات قبل وضوح هياكلها التنظيمية، الأمر الذي يجعل هذه الخطط غير قابلة للتنفيذ بشكل فعال، وأنه يمكن القول الخطط والاستراتيجيات غير مدعومة بهيكل تنظيمي مناسب تكون هذه الخطط أكثر عرضة للفشل بسبب قلة التنظيم وضياع الأدوار، ويصعب أيضاً تحقيق توافق واضح حول الأولويات والأهداف، فالهيكلية ليست رفاهية إدارية، بل حجر الأساس لأي تحول مؤسسي ناجح، ولهذا أؤمن أن أي استراتيجية تُبنى قبل إصلاح البنية التنظيمية، هي مجرد خطة على ورق تنتظر من ينفخ فيها روح الحياة، فاليوم، ونحن نعيد التفكير في مستقبل العمل المؤسسي، علينا أن نبدأ من النقطة الصحيحة وهي من الداخل أولاً… من الهيكل.

Leave a Comment
آخر الأخبار