الحرية ـ سامر اللمع:
مع موافقة الرئيس الأمريكي, دونالد ترامب على إرسال أسلحة هجومية جديدة إلى أوكرانيا, تتجه المرحلة الراهنة من الصراع الروسي ـ الأوكراني نحو ما يمكن تسميته بـ”كسر العظم”، إذ تتداخل فيها ضغوط سياسية واقتصادية غير مسبوقة، مع استعدادات ميدانية متسارعة من قبل الجانبين.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني الفائت قاد الرئيس ترامب بنفسه جهوداً واسعة كوسيط لحل الأزمة الأوكرانية التي بدأت قبل أكثر من ثلاثة أعوام, عبر لقاءين مع الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي, وكذلك عبر اتصالين هاتفيين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين, إلا أن تلك المساعي اصطدمت بتحديات ونكسات عديدة جعلت ترامب يشعر بالإحباط خاصة من موقف بوتين المتشدد, حيث عبّر الرئيس الأمريكي عن ذلك صراحةً قائلاً: “أنا محبط جداً من بوتين، لقد توقعت منه شيئاً مختلفاً”، مشيراً إلى استيائه من روسيا.
في حين تعثرت الجهود الدبلوماسية بين موسكو وكييف، وفشلت جولتان من المحادثات بين الروس والأوكرانيين في تركيا، يومي 16 أيار و2 حزيران، في تحقيق تقدم كبير، ولم يعلن عن جولة ثالثة بعد.
ومنذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مطلع 2022، يصر بوتين على مواصلة الحرب لتحقيق كل أهدافها، والتي تتمثل بأن تتخلى أوكرانيا عن 4 مناطق يسيطر عليها الجيش الروسي جزئياً، فضلاً عن شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو إليها بقرار أحادي في 2014، بالإضافة إلى تخلي كييف عن فكرة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، في مطالب ترفضها أوكرانيا بالكامل.
من جانبها، تطالب أوكرانيا بانسحاب الجيش الروسي بالكامل من أراضيها التي تسيطر قوات موسكو حالياً على حوالي 20% منها.
ترامب محبط.. فهل يسحب وساطته لإنهاء الصراع الروسي ـ الأوكراني ؟
الفشل الأمريكي في إنجاز أي تقدم ملموس لحل الأزمة الأوكرانية دفع ترامب لاتخاذ خطوة ضاغطة على موسكو, حيث يعتقد سيد البيت الأبيض «أن بوتين لن يفاوض إلا إذا شعر بتهديد مباشر باستخدام قوة أكبر»، وفقاً لما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” نقلاً عما أسمته بالمصادر المطلعة.
ونقلت الصحيفة عن تلك المصادر, أن حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة لكييف تقدر بنحو 10 مليارات دولار، وقد تشمل تفويضاً باستخدام أسلحة هجومية جديدة قوية، من بينها 18 صاروخاً بعيد المدى من طراز «أتاكمز» (ATACMS)، موجودة حالياً في أوكرانيا.
وتأتي هذه الخطوة الأمريكية، حسب الصحيفة، بعد أن شعر ترامب بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «لا يحترمه» ويتظاهر بالرغبة في السلام بينما يرفض دعواته لوقف إطلاق النار.
وكرد فعل على التجاهل الروسي, أعطى الرئيس الأمريكي, دونالد ترامب, موسكو مهلة مدتها 50 يوماً لإنهاء العمليات العسكرية في أوكرانيا، ملوحاً بفرض عقوبات اقتصادية قاسية تشمل رسوماً جمركية بنسبة 100% على الواردات الروسية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام بحلول نهاية المهلة.
وفي مؤتمر صحفي مشترك عقده مساء أمس في البيت الأبيض مع الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، أعلن ترامب عن خطة شاملة لتزويد أوكرانيا بكميات ضخمة من الأسلحة الأمريكية عبر الـ(ناتو)، تشمل منظومات باتريوت الدفاعية، وذلك في إطار اتفاق متعدد الأطراف تشارك فيه دول الحلف، وعلى رأسها ألمانيا.
الضغط الأمريكي على روسيا عبر إعادة تسليح أوكرانيا, تناغم مع ضغط أوروبي في الاتجاه ذاته, إذ أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن بلاده ستؤدي “دوراً حاسماً” في تنفيذ الاتفاق الدفاعي الجديد بين الـ(ناتو) والولايات المتحدة، وأكد عقب مشاورات مع ترامب أن ألمانيا عرضت شراء نظامين من منظومات باتريوت الدفاعية تمهيداً لإرسالها إلى أوكرانيا.
ودعا المستشار الألماني إلى “زيادة الضغط على موسكو من دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة”، بينما يستعد البرلمان الألماني لمناقشة مساهمته في تمويل منظومة الدفاع التي سترسل إلى أوكرانيا خلال الأسابيع المقبلة.
وفي السياق ذاته، صرح الأمين العام لحلف الـ(ناتو), مارك روته, لقناة “فوكس نيوز” أن “من العدل أن تدفع أوروبا ثمن حزمة الأسلحة لأوكرانيا”، في إشارة إلى توزيع الأعباء المالية بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بما يعكس التزاماً متنامياً من أعضاء الحلف تجاه أمن أوروبا الشرقية.
التطورات الجديدة في استئناف تسليح أوكرانيا بأسلحة هجومية, تأتي في وقت حرج تسعى فيه الإدارة الأمريكية لإعادة ضبط مسار الحرب وسط استنزاف طويل، إذ يأمل ترامب بأن ينجح ”مزيج الضغط العسكري والدبلوماسي” في دفع موسكو نحو التفاوض قبل نهاية العام الجاري.
كما إن سيد البيت الأبيض حرص على ترك الباب موارباً أمام الحل التفاوضي حيث رأى أنه على الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا حتى الآن، لكنه لا يزال يرى أن الفرصة قائمة لتحقيق ذلك.