الحرية – سامي عيسى :
من المعروف ” أن شريك المياه لا يخسر” وهذه مقولة أثبتتها التجارب، وهي صناعة لا تحمل الكثير من التعقيد، الى جانب هامش الربح الكبير، مقابل تكاليف ليست كباقي الصناعات الأخرى، لهذا السبب وغيره من الأسباب نجد أصحاب رؤوس الأموال يتهافتون للاستثمار فيها، بدليل هذا الكم الهائل من المياه المعبأة والمتوافرة بكثرة، في السوق المحلية، بعد عملية التحرير، وخلاص الأسواق من حصرية إنتاجها بالقطاع الحكومي سابقاً، رغم عدم تلبيتها حاجة السوق ورغبات مستهلكيها.
واليوم أسواقنا المحلية متخمة بهذه المياه، ومن مصادر مختلفة، منها ما هو معروف ويدخل الأسواق بصورة نظامية، وكثيرها يدخل تهريباً، في ظل عملية الانفتاح التي شهدتها الأسواق السورية بعد عملية التحرير، الأمر الذي أحدث فوضى في التسويق، ومخالفات واضحة في المادة، رغم متابعتها من الجهات الرقابية..!
تهافت رؤوس الأموال لاستثمار سوق المياه المعبأة لسرعة المردود وقناعة “شريك المياه لا يخسر” لكن الخاسر الدولة من حصتها السوقية ورسوم المستوردات والمهربات..!
واقع مثير..!
هذا الواقع أثار الكثير من التساؤلات حول واقع صناعة المياه المعبأة، وتعدد أنواعها التي أصبحت تغزو الأسواق المحلية، وبأسعار مختلفة منها ما دخل بصورة نظامية والبعض الآخر دخل تهريباً..!
“الحرية” حاولت معرفة حقيقة ما يجري، على أرض الواقع من خلال الاتصال مع المسؤول عن ملف المياه في وزارة الصناعة “محمد ياسين حورية” لمعرفة ما يحدث في الأسواق، وتعدد مصادر المياه المعبأة، والمتوافرة في الأسواق، وبالتالي مصير المنتج المحلي، ضمن هذه التركيبة المتوافرة في الأسواق، وماهو دور المؤسسة الغذائية، في تعزيز وجود منتجها بعد دخول منتجات مماثلة لها وبأسعار أقل منها….ٕ؟
والسؤال الأهم هل تراجعت الحصة السوقية للإنتاج المحلي، وما هي إجراءات الحفاظ عليها، وخاصة أن الأسواق مفتوحة لاستقبال المزيد منها..؟
بحاجة أجوبة..
إلى جانب معرفة كميات الإنتاج السنوية للمعامل التابعة لشركة المياه، وقيمة الإنتاج السنوية، دون تجاهل الإجراءات التي تتخذها المؤسسة الغذائية، وشركة المياه، بالتعاون مع الصناعة لزيادة الحصة السوقية للمنتج المحلي، والأهم استراتيجية المؤسسة لإجراء أعمال الصيانة، والخطة التطويرية لخطوط الإنتاج على ضوء ما يحدث في الأسواق، وما هي الإجراءات الواجب اتخاذها لتوفير عناصر المنافسة للمنتج المحلي، وخاصة بعد انفتاح الأسواق والخروج من حالة الحصرية للإنتاج وحمايته..؟
حورية: التراجع سببه التهريب وضعف التوزيع وارتفاع تكاليف الإنتاج مقارنة بالمياه المستوردة والمعالجة بتحسين كفاءة الإنتاج وتطوير خطوط التعبئة وتعزيز الرقابة…
تعدد المصادر
هذا هو الواقع تم تلخيصه بعدة أسئلة أجاب عنها ” حورية” بصورة قريبة جداً من الواقع المثير، لاسيما لجهة الواقع الفعلي للمنتج المحلي، في ظل المنافسة غير المتكافئة للمنتجات المماثلة، مؤكداً أن السوق السورية تشهد تعدداً في أنواع المياه المعبأة، منها منتجات محلية وأخرى مستوردة، دخلت بصورة نظامية أو عبر التهريب لأسواقنا، وهنا المنافسة تتزايد مع دخولها بأسعار أقل، ما يفرض تحديات على المنتج المحلي من حيث التسعير والجودة والتوزيع أيضاً، رغم إن الانتاج المحلي لا يكفي السوق المحلية، بل يغطي قسماً كبيراً منها، والباقي متروك لجهات أخرى، عنصر المنافسة مع المنتج المحلي غير متكافئ وهذا يحتاج إعادة نظر في آلية الإنتاج والتسعير، وضبط ما يدخل الى البلد سواء عبر الاستيراد، ومكافحة ما يدخل تهريباً.
حاجة السوق المحلية 1,2 مليار ليتر منها 800 مليون ليتر للقطاع العام والباقي متروك للخاص استيراداً وتهريباً وسوق أبوابها مفتوحة والمنفعة العامة تكاد معدومة..!
حاجة السوق
وأوضح “حورية” خلال حديثه لصحيفتنا ” الحرية ” أن الطلب السنوي على المياه المعبأة يتجاوز 1.2 مليار ليتر، بينما الإنتاج المحلي لا يتعدى 750–800 مليون ليتر، ما يوجد فرصة للنمو، إذا تم دعم المنتج المحلي بشكل فعال، وهنا يبرز دور المؤسسة في تعزيز وجود المنتج المحلي، من خلال عدة محاور تعتمدها المؤسسة الغذائية لتعزيز قوة المنتج المحلي وذلك من خلال عدة إجراءات في مقدمتها:
رفع الطاقة الإنتاجية عبر إدخال خطوط جديدة في وحدات الإنتاج مثل نبع السن، وتحسين الجودة وفق المواصفات القياسية السورية، مع وجود مخابر متخصصة لفحص المياه، إلى جانب توسيع قنوات التوزيع لضمان وصول المنتج بأسعار عادلة، وإطلاق حملات توعية لتعزيز ثقة المستهلك بالمنتج المحلي ومزاياه الصحية.
الحصة السوقية
أما فيما يتعلق بالحصة السوقية للمؤسسة، وكيفية الحفاظ عليها فقد أكد “حورية” تراجعها بسبب التهريب، وضعف التوزيع، وارتفاع تكاليف الإنتاج مقارنة بالمياه المستوردة، وللحفاظ عليها، وزيادتها لابد من اتخاذ جملة من الإجراءات منها على سبيل المثال: توسيع التوزيع الجغرافي ليشمل كل المحافظات، وإدخال عبوات جديدة مثل الكاسات والعبوات الكبيرة (5–10 ليترات) تحسين كفاءة الإنتاج عبر صيانة وتطوير خطوط التعبئة والتغليف، وتعزيز الرقابة على الأسواق للحد من دخول المنتجات المهربة وضمان المنافسة العادلة.
وللعلم فقط أن كميات الإنتاج السنوية الحالية تبلغ حوالي 15 مليون جعبة (عبوات 1.5 و0.5 ليتر)، أي ما يعادل 241 مليون ليتر، بلغت قيمتها في الربع الأول من العام الماضي بحدود 48 مليار ليرة سورية، مع أرباح تقديرية بـلغت 2.76 مليار ليرة.
شروط التحسين
ولتحسين واقع الحصة التسويقية للمنتج المحلي يرى ” حورية” أنه لابد من اتخاذ جملة من الإجراءات منها: إدخال خطوط إنتاج جديدة لزيادة الكميات وتغطية الطلب المتزايد، تحسين التغليف والتسويق لتشجيع التصدير إلى الأسواق المجاورة، والالتزام بالمعايير الدولية للحصول على شهادات جودة تعزز ثقة المستهلك، إضافة لاعتماد سياسات تسعيرية عادلة تراعي القدرة الشرائية للمواطن السوري، وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص لتوسيع نطاق التوزيع والترويج. وهذا يتطلب تنفيذ استراتيجية واضحة لأعمال الصيانة والتطوير لمعامل الإنتاج، من تنفيذ خطة استثمارية نشطة، تشمل استبدال وتجديد خطوط الإنتاج القديمة،
والعمل على تشغيل آلات حديثة مثل آلات “الأتكيت” وضواغط الهواء لتحسين الكفاءة التشغيلية، وإدخال خطوط جديدة لتعبئة عبوات 5–10 ليترات والكاسات الصغيرة لتلبية احتياجات السوق المتنوعة.
والاستفادة من الخبرات الوطنية لتجاوز صعوبات في الصيانة الدورية وتحديث الآلات، الى جانب تعزيز عنصر الجودة للمنتج..
وفي النهاية
فإن تطوير قطاع المياه المعبأة في سوريا يتطلب رؤية استراتيجية متكاملة تجمع بين رفع الإنتاجية وتحسين الجودة، تعزيز التوزيع، وضبط المنافسة. من خلال تنفيذ هذه الإجراءات، يمكن ضمان حضور قوي للمنتج المحلي في السوق، وتحقيق استدامة اقتصادية وصحية تخدم المواطن السوري.