الحرية- باسم المحمد:
يشكل إنشاء اللجنة الوطنية للاستيراد والتصدير خطوة مفصلية على مستوى الاقتصاد السوري ككل، وهو مؤشر واضح على أن مرحلة الفوضى والعشوائية في حياتنا الاقتصادية قد أصبحت من الماضي، إذ إن تركيبة هذه اللجنة، التي تضم وزارات المالية والاقتصاد والزراعة والإدارة المحلية، إلى جانب المدير العام للجمارك، تعكس توجهاً جدياً نحو توحيد الجهود المؤسسية، وتنسيق العمل بين الجهات المعنية، وصياغة رؤية موحدة لتنظيم حركة التجارة الخارجية وتوجيهها بما يتوافق مع متطلبات الاقتصاد الوطني.
ومن المتوقع أن يسهم هذا التوجه في تحقيق جملة من المكاسب الاقتصادية المهمة، وفي مقدمتها الحد من التهرب الضريبي والجمركي الذي كان منتشراً في الفترات السابقة، حيث كانت الجهات المعنية تعمل بشكل منفصل أشبه بجزر معزولة، ما أتاح المجال واسعاً أمام الهدر والفساد، وأدى إلى خسائر كبيرة في موارد الدولة العامة.
كما أن توحيد المرجعيات سيساعد على تحديد مكونات الميزان التجاري بدقة أكبر، ما يمنح صناع القرار القدرة على الاستجابة المرنة للمتغيرات الاقتصادية، والتعامل مع الأزمات في الوقت المناسب وبأسلوب أكثر فاعلية.
إضافة إلى ذلك، ستتوفر قاعدة بيانات دقيقة للمراكز البحثية والأكاديمية، تُمكنها من إجراء الدراسات واستشراف المستقبل، الأمر الذي يشكل دعامة قوية للجهات التنفيذية في رسم السياسات ووضع الخطط الاستراتيجية القادمة.
ولا يقتصر الأثر الإيجابي على ذلك فحسب، بل يشمل أيضاً تحسين مناخ الاستثمار، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين، وترسيخ قواعد الحوكمة والشفافية، وهي عوامل باتت أساسية في اتخاذ قرارات الاستثمار والدخول إلى الأسواق.
ومن بين النتائج المهمة المتوقعة أيضاً، تحقيق رقابة لحظية على ميزان المدفوعات، ما يساعد السلطات المالية والنقدية على اتخاذ القرارات الضرورية للحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة، ووضع حد لحالة التذبذب وارتفاع الأسعار غير المبرر.. التي كانت تُبرر سابقاً بمخاوف تقلبات سعر الصرف.
وتأتي هذه الخطوة ضمن حزمة من القرارات المهمة التي طُبقت في مجالات التجارة والصناعة والقطاع المصرفي، إلى جانب تفعيل أدوات السياسة النقدية، وهي إجراءات من شأنها أن تثمر نتائج إيجابية خلال فترة زمنية قصيرة، وأن تسهم في تحقيق النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وتحسين المستوى المعيشي، وتسريع وتيرة إعادة الإعمار.
إننا اليوم أمام بداية مرحلة جديدة قوامها التخطيط السليم وإعادة هيكلة الاقتصاد السوري على أسس صحيحة، خلال فترة عام على التحرير المجيد، على أن تتعزز هذه الجهود خلال المرحلة المقبلة بهدف الاندماج في الاقتصاد العالمي، وإعادة تحريك عجلة الإنتاج التي توقفت طويلاً.