متابعة – يسرى المصري
بعد رحلة وصفها وزير المالية محمد يسر برنية برحلة نحو الاستقرار والازدهار، قال الوزير السوري في تصريح إعلامي على هامش جلسة «إعادة بناء سوريا ” ، خلال اجتماعات «صندوق النقد» و«البنك» الدوليين: «نحن عاجزون عن شكر دول الخليج؛ السعودية ودولة قطر وما تقدمانه لسوريا من كل النواحي. نحن مقدّرون وممتنّون لهذا الدعم، سواء أكان استثمارات أم نقل معرفة أو دعم أجور الرواتب الذي قُدِّم الأسبوع الماضي وسيدخل حيّز التنفيذ الشهر المقبل».
اجتماعات «صندوق النقد» و«البنك» الدوليين تجذب المانحين والمؤسسات الدولية لتخفيف العبء بتنفيذ المشاريع الكبرى
وأضاف: «كما نشكر الإمارات، وأي دولة تساعدنا، ونحن ممتنون جداً لهذه المساعدة، وأعتقد أن السوريين سيكونون أوفياء لكل من وقف معها (سوريا)».
وكان برنيّة قدم خلال الجلسة أجندة «براغماتية» للإصلاح، تقوم على «استعادة الثقة (مع) القطاع الخاص، والانضباط المالي، والتحوّل إلى (الدعم الموجّه)»، مع التأكيد على أن «العقوبات باتت وراءنا».
وأشار خلال الجلسة إلى عودة أكثر من مليون سوري منذ مطلع العام، و1.7 مليون نازح إلى منازلهم داخل البلاد، بوصفها مؤشرات «عودة أمل».
وتشمل الخطة تبسيط الضرائب من 33 نوعاً إلى 3 أو 4 ضرائب فقط، وإدارة الدين العام عبر تسويات مع الدائنين، وإصلاح المؤسسات العامة حالةً بحالة.
وقال برنية إن الحكومة لن تموّل مشروعات يمكن للقطاع الخاص تنفيذها؛ «لأن فلسفتنا هي أن يقود القطاع الخاص النمو الاقتصادي والاستثمار». وأشار إلى تأسيس «صندوق التنمية السوري» لتمويل مشروعات البنية التحتية والإعمار، إلى جانب العمل مع «البنك الدولي» لإطلاق «صندوق ائتماني متعدد الأطراف» يهدف إلى جذب دعم المانحين والمؤسسات الدولية.
وكشف عن أنه تم تصفّية كامل التزامات الحكومة تجاه «البنك المركزي السوري»، قائلاً: «الرصيد صفر، ولدينا فائض في الموازنة»، مضيفاً أنه تعهد بعدم تمويل العجز من «البنك المركزي» مستقبلاً.
وأكد أن الحكومة تعمل على «تحديث القوانين المنظمة للاستثمار والشركات والعمل والضرائب»؛ بما يهيئ بيئة جاذبة للقطاع الخاص والمستثمرين الأجانب.
وبشأن القطاع المالي، أوضح برنية أن وزارته تجري «تقييماً تفصيلياً للقطاعين المصرفي وغير المصرفي» ضمن خطة لإصلاح سوق المال والتأمين، مشيراً إلى تعاون قائم مع «السوق المالية السعودية (تداول)» لتطوير «سوق دمشق للأوراق المالية».
وقال إن الهدف هو «ترقية السوق السورية إلى تصنيف الأسواق الناشئة خلال 8 سنوات»، مشيراً إلى أن أنظمة جديدة ستصدر قريباً لـ«فتح السوق أمام المستثمرين الأجانب .
وكشف برنيّة، لـ«وكالات»، عن أن «دعم أجور الرواتب الذي قدمته السعودية وقطر خلال الفترة الماضية سيبدأ صرفه الشهر المقبل».
وكانت السعودية وقطر أعلنتا عن مبادرة مشتركة مع «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» لتقديم 89 مليون دولار دعماً لسوريا وللمساعدة في الحفاظ على الخدمات العامة الأساسية. وهي حزمة تمتد 3 أشهر وممولة من «الصندوق السعودي للتنمية» و«صندوق قطر للتنمية»، وتهدف إلى ضمان استمرارية الخدمات العامة الأساسية من خلال المساعدة في تغطية جزء من رواتب موظفي الحكومة.
كما عقد وزير المالية السوري محمد يسر برنية وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية اجتماعاً مع طاقم دائرة شؤون المالية العامة في صندوق النقد الدولي ورئيس بعثة الصندوق إلى سوريا، وذلك على هامش اجتماعات الصندوق والبنك الدوليين في العاصمة الأميركية واشنطن.
وقال برنية، إن هذا الاجتماع يعكس اهتمام الصندوق بالتعاون مع سوريا، حيث أثنى المشاركون على ما حققته الحكومة السورية من تقدم في الإصلاح المالي.
وناقش المشاركون في الاجتماع خطة الإصلاح الضريبي التي تنفذها سوريا، وفرص تقديم المساعدة في نجاحها، وتم التطرق للإصلاح الجمركي، والاستعداد لإيفاد بعثة إلى سوريا لتقديم دعم فني بهذا الشأن.
عملة سوريا الجديدة
كما تم أيضاً بحث سبل تقوية الإدارة المالية الحكومية السورية، والمساعدة في الإعداد لموازنة عام 2026 وإصلاح الشركات الاقتصادية المملوكة للحكومة بما يسهم في زيادة إيرادات الدولة، وفرص المساعدة في تطوير إدارة الدين العام، وتنظيم عمل مكتب الدين العام في وزارة المالية السورية.
وأكد برنية خلال الاجتماع على مسائل التدريب وبناء القدرات في قطاعات المالية العامة والإدارة الضريبية، مشيراً إلى أن هناك أربع بعثات فنية ستزور سوريا في الشهور القادمة.
وشدد وزير المالية على أن النقاشات تناولت فقط المساعدات الفنية والتدريب، وليس القروض أو برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، مضيفاً: “قد نحتاج لبرامج في فترة لاحقة”.
المدير العام لصندوق أوبك للتنمية الدولية، عبد الحميد الخليفة أكد أن الصندوق وضع خطة متكاملة لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء في سوريا، بالتعاون مع مؤسسات دولية، مشدداً على أن التنمية لا يمكن أن تتحقق دون بنية طاقية فعالة.
وأوضح الخليفة في مقابلة مع CNN الاقتصادية على هامش احتفالية مجموعة التنسيق العربية (ACG) باليوبيل الذهبي في واشنطن، أن البداية ستكون بإعادة تأهيل المحطات القائمة، قبل التوسع نحو مشاريع أكبر تعتمد نموذج المنتج المستقل للطاقة، لافتاً إلى أن مشاركة القطاع الخاص في سوريا لا تزال محدودة في الوقت الراهن، لكن الصندوق يهدف على المدى المتوسط إلى تهيئة بيئة تسمح بجذب مزيد من الاستثمارات الخاصة لتخفيف العبء عن الحكومة في تنفيذ المشاريع الكبرى.
برنية: السوريون أوفياء ويقدّرون الاستثمارات ونقل المعرفة وكل ما تقدمه السعودية وقطر والإمارات
وفي مقابلة مماثلة أكد رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، محمد بن سليمان الجاسر، أن عودة سوريا إلى عضوية البنك الإسلامي للتنمية بعد أكثر من عقد من التجميد، يُعد خطوة مهمة، مشدداً على أن البنك يعمل مع الجانب السوري لإيجاد حلول عملية تسمح بإعادة تفعيل المشاريع التنموية.
وأشار الجاسر إلى أن للبنك سجلاً طويلاً من التعاون مع سوريا في تمويل محطات كهرباء وطرق ومشروعات تنموية في دمشق وحلب ومناطق أخرى، مؤكداً أن البنك “يستمع لاحتياجات الدول دون أي ضغوط سياسية، لأن عمله قائم على مبادئ الشريعة التي تضع الإنسان في قلب التنمية”.
وقال الجاسر: “إن البنك حريص على دعم سوريا لما فاتها من فرص تنموية خلال السنوات الماضية”، معرباً عن أمله بأن يتم “حل قضية المتأخرات قريباً للعودة بزخم جديد يسهم في نهضة الاقتصاد السوري”.