الحرية – لوريس عمران:
شهدت قرى وبلدات ريف جبلة هذا العام موسماً استثنائياً في إنتاج الكرز، تميز بوفرة المحصول وجودته العالية، يُعزى هذا التميز (وفقًا لشهادة المزارعين ) إلى الظروف المناخية المواتية خلال فترة الإزهار وانخفاض معدلات الإصابة بالآفات مقارنة بالمواسم السابقة.
الواقع الاقتصادي
على الرغم من النجاح الواضح للموسم من الناحية الإنتاجية، فقد أثرت الظروف الاقتصادية الصعبة على قرار المزارعين بخصوص التعامل مع محصولهم. ففي الوقت الذي كان فيه بعض الأهالي يعتمدون على الاكتفاء الذاتي أو التوزيع المجاني، أدت الضغوط المعيشية إلى بيع كميات كبيرة من الكرز لتغطية الاحتياجات الأساسية.
حيث أكد أبو محمد أحد المزارعين (لصحيفتنا الحرية) بأن وفرة المحصول هذا العام جاءت مصحوبة بارتفاع في تكاليف المعيشة، ما اضطره لبيع غالبية إنتاجه لتلبية متطلبات المنزل.
وفي سياق مماثل، ذكر “أبو كنان” أنه رغم امتلاكه عددًا محدودًا من أشجار الكرز التي كانت مخصصة لاستهلاك عائلته، إلا أن الظروف الاقتصادية دفعته لبيع جزء من المحصول لتوفير الدعم المعيشي لأفراد أسرته.
تقييم فني للموسم
يُصنف المهندس الزراعي نضال خضور (للحرية) هذا الموسم بانه يعد من أنجح المواسم خلال السنوات الخمس الماضية، مؤكدًا أن الكرز في ريف جبلة استفاد هذا العام من توازن درجات الحرارة في فترة التزهير، وغياب موجات الصقيع، ما انعكس إيجابًا على كمية الثمار ونوعيتها الممتازة.
من جانبها، أشارت المهندسة الزراعية رنا يونس إلى أن التحدي الأساسي لا يكمن في عملية الزراعة، بل في مرحلة ما بعد الجني والتسويق، وأوضحت أن غياب مراكز التصدير المنظمة وانخفاض القدرة الاستيعابية للسوق المحلي يؤديان في بعض الأحيان إلى بيع المحصول بأسعار تقل عن تكلفته الحقيقية.
مطالبات بالدعم
مع غياب آليات التسعير العادل، وسيطرة بعض الوسطاء التجاريين على السوق، أعرب عدد من المزارعين عن استيائهم، وطالبوا الجهات المختصة بالتدخل لضمان تسعير منصف للمحصول، خاصة في ظل الزيادة المستمرة في تكاليف الإنتاج التي تشمل الأسمدة، المحروقات، وأجور النقل.
أهميته الاستراتيجية
يبقى الكرز محصولًا ذا أهمية استراتيجية في ريف جبلة، ليس فقط لقيمته الاقتصادية والغذائية، بل أيضًا لارتباطه العميق بالتراث الزراعي للمنطقة.
يأمل الأهالي في أن يحظى هذا القطاع بدعم أكبر، سواء من خلال تطوير مشاريع تسويقية وتصديرية مستدامة، أو عبر تقديم منح زراعية تسهم في تخفيف الأعباء عن المزارعين وتضمن استمرارية هذا المحصول الحيوي.