ولع إلى حدّ الهوس!

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- وليد الزعبي:
بات مألوفاً ولع الناس الشديد بعالم “السوشيال ميديا”، كيف لا وقد حتم علينا جميعاً أن نعيش في كنف برامجه بشكل لحظي، وبعض الشواهد تبرز عندما يصادف وجودك ليلاً في محل موبايلات لقضاء خدمة ما، إذ تجد هذا متلهفاً لا يحتمل توقف الفيس لخلل ما ولو لساعة ويريد استعادته بأسرع ما يمكن، وتلك لا يمكنها الانتظار حتى يطلع الصباح لإعادة تفعيل الواتس الذي يحتاج إلى تحديث، وغيرهما نفد صبره مع نفاد الباقة وهرول مسرعاً لتعبئة الرصيد لمعاودة التفعيل.
لا شك أن الضرورة فرضت هذا الواقع وخاصةً في بلدنا، حيث كانت وسائل التواصل الاجتماعي منصة الالتقاء الأساسية بين الأقارب والمعارف على مدار عدة سنوات سابقة نتيجة ظروف الحرب القاسية التي قيدت التواصل المباشر بفعل النظام البائد، كما كانت قناة التواصل الوحيدة مع من نزحوا قسراً بفعل النظام البائد داخل البلاد أو لجؤوا وهُجّروا لخارجها.
كما لا يخفى أن المنافع التي وفرتها خدمة الإنترنت جمّة، فكم من نقاش خالطة الاختلاف في الآراء حول شؤون تاريخية وجغرافية ودينية وطبية ولغوية وغيرها، ولم تحسم إلا بالرجوع لمواقع الإنترنت بشكل فض الخلاف وأخمد تعنت البعض بآرائهم الخاطئة؟ وكم من معلومات عبر الإنترنت أغنت معارف الطلاب من مختلف المستويات التعليمية؟ إلى غير ذلك الكثير من الفوائد.
لكن ما يوجع القلب هو أن ولع أغلبنا جلّه بقنوات الإنترنت غير النافعة، ما يبدد الوقت ويدفع لإهمال قضاء الكثير من الضرورات الحياتية، وكلنا ليس ببعيد عن عيش حالة جلوس جميع أفراد الأسرة في غرفة واحدة، فيما كل واحد منهم مشغول بجواله لساعات من دون أن يكلم الآخر.
قد يكون الكبار في مأمن إلى حدٍّ ما من الانجرار بمسارب الإنترنت الضارة، لكن الكارثة تبدو عند المراهقين، حيث إن كثيرين منهم مولعون بالموبايلات إلى حد الهوس، وتجدهم يتزاحمون في محالها لتعبئة الرصيد وتفعل الباقات وتنزيل شتى البرامج والألعاب.
وفي محيطنا أمست وكأنها حالة عادية تلك المشاهد الكثيرة وبأوقات متأخرة من الليل لفتية وهم ينزوون في مكان مظلم بإحدى الطرقات أو الحدائق، أو يجلسون على الأرصفة وأدراج المحال التجارية والبنايات السكنية، ويقضون الساعات الطوال على الألعاب ومتابعة فيديوهات قد تكون مليئة بالعنف أو المشاهد المنافية للحشمة.
قد لا يستطيع غالبية الأهل إيجاد مبررات مقنعة لمنع أبنائهم من استخدام الموبايل، وخاصةً أنهم مولعون به قبل أبنائهم ولكون خدماته الحيوية غدت ضرورة لا غنى عنها في عصرنا لمختلف الأعمار، لكن الممكن هو التوعية لاستثماره في أشياء تنفعهم بدراستهم وتعزيز معارفهم، ولا ضير من وقت قليل للتسلية ببرامج مسابقات أو رياضة أو ألعاب بسيطة، وإن طلبوا الخروج من المنزل ينبغي تحديد وقت مناسب لذلك ومنع بقائهم لساعات متأخرة من الليل، لأن هذا التأخر له مخاطره من دون الموبايل فكيف مع الموبايل ورفاق السوء؟.

Leave a Comment
آخر الأخبار