الحرية- مرشد ملوك:
يقول وليد إنه أرسل حوالة صغيرة القيمة جداً من مصرف خاص إلى مصرف خاص آخر في سياق عملية تحويل طبيعية جداً ، لتكن المفاجأة أن هذا المصرف الخاص قد أوقف صرف الحوالات ” كاش” مهما كانت قيمة المبلغ صغيرة جداً .
يتابع وليد سردية الرواية : بعد السؤال قررت تحويل المبلغ البسيط جداً إلى حساب لي في مصرف حكومي، وبعد الانتظار لعدة أيام عاد نفس المبلغ إلى المصرف الخاص الذي خرجت منه الحوالة لأول مرة – المصرف الذي قام بعملية التحويل – قلت ” بيني وبين حالي” خليني ألجأ إلى مصرف ثالث وبالفعل كان التحويل إلى مصرف ثالث وبعد الانتظار أياماً ولياليَ والسؤال في المصرف الثالث كانت النتيجة وصول رسالة ” sms” على الجوال بأن الحوالة عادت إلى موطنها الأول في المصرف الأول، في حدوتة مصرفية اشترك فيها أربعة مصارف سورية عامة وخاصة ، ولمبلغ بسيط جداً لا يمكن ذكره حفاظاً على حيائكم ، ويجب أن نكتب قبل إذاعته بأنه ينصح بالمشاهدة لفوق 18 عاماً .
أصابني الذهول- ولا يزال الحديث لوليد – هنا بدأت رحلة الاستفسار عن الأمر .. في المصرف الثاني الذي استقبل الحوالة لأول مرة قالوا إنّ المنظومة التقنية غير مؤهلة لاستقبال الحوالات، لذلك عادت الحوالة “من حيث أتت” أما في المصرف الثالث فلم يتسنَّ لي السؤال حتى الآن، لكن غالباً ما يكون الجواب بأن الحوالة لم تصل إلى مقصدها في المصرف الثالث أبداً.
المضحك المبكي أنّ عمليات التحويل من مصرف لآخر مأجورة ، وفيها تقتطع منشارة المصارف العمولات في الذهاب والإياب فكان يدخل المبلغ إلى مصرف برقم معين ويعود برقم متناقص آخر !!! وهذا موثق وفق الرسائل الواردة على الجوال، من دون تقديم أي خدمة لي.
للأسف يتدحرج العمل المصرفي السوري إلى الوراء في متوالية عكسية تتناقض مع كلّ خطوات التطور المصرفي في العالم ، وفلسفتة وخدماته وهي أن “المال يولد المال” وهذه القاعدة محققة في العمل المصرفي السوري في منشار المصارف فقط ، لكن الناس والزبائن الكبار والصغار لا تحصد سوى المعاناة والخسارات المباشرة وغير المباشرة .
أيُّها السادة مال المصارف ليس له علاقة مباشرة بخزينة الدولة ولا بإيراد الدولة ولا رسوم الدولة بل هو مال خاص” رزق خاص” مدخرات ناس توظفه المصارف لتعطي المودع الفائدة لقاء ماله وتأخذ من المقترض الفائدة ، لكن بين الإقراض والإيداع قامت المنظومات المصرفية الواسعة جداً ، وضخت المصارف الدم القاني في جسد الاقتصاد كشرط أساس لقيام النمو الاقتصادي والاجتماعي .
والله هل من أحد يفسر ما يجري في العمل المصرفي والسياسة النقدية السورية اليوم ؟؟ !!
في هذا المصرف الحوالات مجمدة بالكامل ، وهذا المصرف وذاك لايستقبل أيّ حوالة ، وفي هذا المصرف تستطيع سحب 3 ملايين في الأسبوع وفي ذاك مليون واحد فقط ، وكل ذلك متاح بعد العلاقات الشخصية .
غناك عن قصة الصرافات الآلية الطريفة التي تحولت إلى حكاية يمكن كتابة آلاف الروايات فيها حول معاناة الناس في قبض رواتبهم ، وهذا اختراع اجترحه النظام البائد في توجه يناقض جوهر العمل المصرفي بأن تتحول صرافات المصارف إلى محاسب رواتب وأمين صندوق، في ظل غياب البنية التقنية التحتية التي يمكنها استيعاب هذا الكم الهائل من الموظفين، “وابن أمه وأبوه” من يستطيع قبض راتبه قبل العيد.. وكل عام وأنتم بخير.