الحرية – محمد فرحة:
هل أقفلت أبواب مراكز استلام محصول القمح بعد تمديد فترتها لمدة ثلاثة أيام ، على كمية مقدارها وفقاً لتصريح المدير العام للمؤسسة العامة للحبوب بحدود 300 ألف طن ؟
موسم خيَّبَ الآمال فهو الأقل منذ بدأنا بزراعة القمح وبنينا الصوامع لتخزين المحصول قبل أكثر من خمسين سنة تقريباً ، في الوقت الذي كانت محافظة واحدة تنتج وتسوِّق هذا الرقم ، فحماة وحدها سوقت الموسم الماضي ١٢٣ ألف طن ، لكن الظروف المناخية لم تكن مواتية والأصناف المزروعة لم تكن ذات مردود عالٍ ، فقد شكا المزارعون منذ استلامهم من نوعية البذار ونقاوته ، ومع كل هذا وذاك غامروا وغالوا في المغامرة نظراً لتقديم التسهيلات التي قدمتها الحكومة الحالية من أسمدة وبذار بالدين الآجل ، وتوقعوا أسعارَ شراء تحقق لهم أرباحاً لم يحققوها منذ عقدين من الزمن ..
لكن السؤال الذي يطرحه المزارعون منذ سنوات مؤداه أين أصناف القمح الذي تعطي مردوداً مميزاً كتلك التي كانت قبل عقدين وأكثر من الزمن / كالأقماح الذي كانت تسمى مكسيكية والأخرى سوادية / حيث كانت السنبلة تنحي على الأرض من ثقل حباتها ؟
لكن في المقابل اليوم لا يمكن لأحد أن ينفي دور البحث العلمي والتكنولوجيا والتقنية المستخدمة في كل شيء ، فمن الطبيعي ربط هذه التكنولوجيا بالقطاع الزراعي بهدف زيادة المردود الإنتاجي ، وهذا ما عملت عليه البحوث العلمية الزراعية طوال العقد الماضي ، وتوصلت إلى استنباط صنف من القمح وفقاً لحديث مختصون في مجال القمح تحديداً ، وتم اعتماده ووزع على المزارعين لزراعته..
لكن كان الرأي بأن حقول المزارعين المفتوحة والكبيرة تختلف عن الحقول البحثية من حيث الري والإشراف والعملية السمادية ودقة تفاصيل بعض الأمور الآخرى..
وهذا الكلام دقيق ، لكن في أضعف الأحوال يجب ألّا يكون الفارق كبيراً جداً ، فقد ركزت الجهود البحثية لرفع مردود الهكتار من ٨ أطنان إلى ١٢ طناً ، وهذا لم يتحقق ، بل انخفض إلى مابين الخمسة والستة أطنان ، حتى في السنين الممطرة والخيّرة ..
نحن ندرك جيداً أن دور البحوث تقديم الصنف المُحسن وهنا ينتهي دورهم ، أما بقية السلسلة أو الخطوات فهي تعتمد على الآخرين ، زد على ذلك فالحقول البحثية إنتاجها مغاير لحقول المزارعين.
لكن هذا لا يعني هذا الفارق الواسع في المردود الإنتاجي الكبير ، إذن أين المشكلة ؟
فلا العام الحالي ولا الموسم الماضي،ولا الذي سبقه وسمي بعام القمح كان المردود مقبولاً ..
ما يعني أنّ هناك حلقة مفقودة ، فهل يبدأ المعنيون منذ اليوم بإعداد ما يلزم للموسم القادم علّه يكون أحسن حالاً وازدهاراً ، فاستلام 300 ألف طن بل حتى ٣5٠ ألف طن هو رقم غير مرضٍ وهزيل .
فازدهار الاقتصاد السوري وأي اقتصاد في العالم هو اقتصاد تكاملي زراعياً واجتماعياً وصناعياً ، ولكن هنا نرى ابتعاد دوافع التنمية الاقتصادية المتعلقة بالقطاع الزراعي عن بقية القطاعات والتي هي عملية ترابط بين بعضها..بل يجب أن تكون في المقدمة وهذا يسهم إلى حدٍّ كبير في تحسين الدخل الاجتماعي من جهة والإنتاجية الصناعية من جهة ثانية..
وبالعودة على ما بدأنا به : لماذا لم نصل بعد إلى إنتاجية عالية من القمح في وحدة المساحة ، فها هي الإمارات العربية المتحدة أجرت أكثر من خمسين تجربة على أصنافٍ متعددة وعملت خلال السنوات الخمس الماضية على تجارب العديد على هذه ألأصناف وتوصلت لاستنباط وإقرار واعتماد أصناف ذات مردود عالٍ من الإنتاج في وحدة المساحة ، وكلنا يدرك الفارق الكبير بين الجو ودرجات الحرارة عندنا وعندهم ..، حتى المعدلات المطرية ، فلماذا هم افلحوا بذلك ونحن لم نرتقِ إلى الهدف المنشود الذي نتمناه ونأمله ؟
مدير فرع إكثار البذار في حماة المهندس وضاح الحمود أوضح في اتصال هاتفي معه بأن هذا الموسم ليس قياساً، مشيراً إلى أنّه قد يزرع مزارعون صنفاً واحداً، فالأول يعطي عنده الدونم مردوداً مميزاً والثاني العكس ..
منوهاً بأن ذلك يعود لعدة أساب يأتي في مقدمتها نوع التربة ثم عمليات الري والمعادلة السمادية ..
وتقاطعه (الحرية) : لكن ليس الفارق بشكل كبير ، فيجيب بنعم يجب أن يكون هناك معدل وسطي .
وتطرق المهندس وضاح إلى أن الأصناف التي تزرع في حماة للأصناف القاسية هي : دوما واحد ودوما ثلاثة وإكساد ٦٥ وشام سبعة، في حين الأصناف الطرية هي دوما أربعة وشام عشرة، و فرع إكثار بذار حماة سوّق حتى يوم أمس ستة آلاف طن من الحقول الإكثارية .
الخلاصة ؛ ليس هناك معدل وسطي بين المزارعين ، لا في هذا العام ولا في الأعوام السابقة ، فإما مميز وإما ضعيف.