ناظم عيد – رئيس التحرير:
زادت رواتب السوريين العاملين والمتقاعدين بنسبة 400%.. في الحسابات الفعلية للمتغيرات على سلّم الأجور وبالمقارنة مع الوزن الجديد لليرة في ميزان سلّة العملات..
وهذا ليس من قبيل التهيؤات.. بل الوقائع ما بين القدرة الشرائية لليرة قبل وبعد التحرير.
كان راتب العامل يساوي 20-30 دولاراً، ليصبح اليوم 120 دولاراً “عن السقوف نتحدث” وهذا يعني أن الزيادة الفعلية تتجاوز النسبة التي نص عليها مرسوم رئيس الجمهورية.. بالتالي تبدو جديرة فعلاً بالحديث عن أثر حقيقي في السوق والاقتصاد.. والأهم على اليوميات المعيشية لمواطن صبر وصابر بلا كلل أو ملل.
وإن كانت أدبيات الاقتصاد ولغته المفضلة.. لا تحبّذ النفحات التمجيدية، يبقى من المهم توليف زاوية الرؤية نحو الإسقاطات العملية لأثر زيادة الرواتب على الحراك السوقي وهو الواجهة التي تخبِئُ خلفها سلاسل متداخلة في البعدين الإنتاجي والخدمي..فحركة الأسواق هي سبب ونتيجة لحراك منظومة مكثفة من المكونات الاقتصادية والنشاط البشري والمجتمعي.
من هنا علينا أن نتفاءل بارتفاع مؤشرات النمو على مستوى كافة المكونات بنسب أقلها 200% وتصل إلى 400 -500 % وربما أكثر بحكم الطبيعة الديناميكية والناتج التراكمي لحركة رأس المال.. وهنا يمسي من البديهي الحديث عن انتعاش ملموس سيحدثه مرسوم الزيادة.. وكي نكون نحن وكل راغب بتحري التفاصيل الأدق والأرقام الشافية.. ننتظر إحصاءات وزارة المالية بخصوص كلفة الزيادة وأعداد العاملين والمتقاعدين، عندها ستتضح الصورة أكثر.
على العموم بات واضحاً توالي مقدمات التعافي السوري.. وقد أمست حزمة تستحق التفاتة إلى الوراء لحصر حصاد التوطئات الجادة والمكثفة لسوريا الغد..
بالفعل لا بأس بالتفاتة رغم انشغالنا جميعاً باستشراف مستقبل هذه البلاد الطيبة.. وسنجد أن ثمة ما يستحق استجماع ما يلزم لصوغ “كيان التفاؤل” المطلوب.. والتفاؤل وقود النجاح ومحركه، ودافعة العزم والفعالية لإحداث الخرق الإيجابي في بيئة لن تعترف إلا بمن يصرّ على اختراق جدران الارتكاس المزمن الصلّبة والمعنّدة..
زيادة الرواتب جاءت إضافة عملية محسوسة لجملة حصاد سبق – وغالباً نجنح نحن في هذا الشرق إلى المحسوس أكثر من المجردات – تمثلت بزيادة على الرواتب والأجور المقطوعة، وهي بالنسبة للمواطن حدث كما هي بالنسبة للتاجر والصناعي ومقدم الخدمة أياً كانت الخدمة.. حتى العاملين في القطاع الخاص سيكونون أمام احتمالات زيادة أجورهم، لأن القطاع العام هو المسطرة التي يقيس عليها الجميع حسابات النسبة والتناسب، وربما يكون على وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن تسارع إلى رفع الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص، كحد ملزم لدى تسجيل العاملين في التأمينات الاجتماعية..
باختصار.. نحن أمام جرعة إنعاش مباشرة وغير مباشرة.. ودفعة على حساب التعافي الموعود.. وسيتحقق بتكافل جهود الجميع وإصرارهم على المصافحة الصادقة مع المستقبل.. على الرغم من الظرف الجيوسياسي الحساس الذي يعصف بمنطقة الشرق الأوسط…ولعل صدور مرسوم الزيادة في هذا التوقيت ينطوي على دلالات بالغة الأهمية، علينا جميعاً التقاطها بحذاقة وعناية.